إن الدميري، قد رتّب كتابه على حروف المعجم، وضمنه من أسماء الحيوانات ما تنامى إلى سمعه، ومن مصادر كثيرة ومختلفة تتراوح ما بين كتب يونانية وعربية قديمة أو ما كان قريبا لعهد المؤلف، الذي اطلع على تلك الكتب، المتخصصة في عالم الطب والحيوان، ووعى ما فيها، ونقّحها، وطرح جانبا ما لم يقتنع به، وأقرّ ما رأى عليه إجماعا لدى العلماء، ومع حذره الشديد، فإنه قد أبقى على معلومات كثيرة، غريبة وعجيبة، ولكنه نقلها على ذمة أصحابها وناقليها، فأيّد كل مروياته بإسنادها إلى رواتها، بالتسلسل المعروف وصولا إلى المنشإ الأساس، ولم يفته أن يرد، حيث يقتضي الأمر، على الأغاليط.
أما طريقته في عرض المعلومات، فإنه يبدأ بوصف الحيوان، بعد أن يضبط اسمه ضبطا تاما بالشكل، ويعرّف بالأصل اللغوي له، ويقدم بعد ذلك عرضا لبعض الأخبار والمرويات التي تدل على طبائع ذلك الحيوان، وفي هذا الإطار يستحضر طائفة من الأحاديث النبوية الشريفة، والآيات القرآنية الكريمة التي لها علاقة بالموضوع، فضلا عما جاء حوله من أشعار قديمة، وأمثال وحكم. ثم يورد ما قاله الفقهاء في شأن الحيوان المذكور من حيث الحكم الشرعي في أكله أو عدمه، يؤيد ذلك بالأقوال المختلفة، وبأحاديث نبوية وآيات كريمة، وينتهي إلى ذكر الخواص الطبية من المنافع والمضار من لحم ذلك الحيوان أو غيره.
[منهج التحقيق]
اعتمدت في تحقيق الكتاب، الطبعة المصرية، التي توزعها مكتبة محمود توفيق الكتبي بمصر، وهي طبعة قديمة، لا تخلو من الأخطاء، وتقع في مجلدين كبيرين، وصفحاتها كبيرة يزيد عدد الأسطر في كل صفحة على ثلاثين سطرا، وعدد كلمات كل سطر يتراوح ما بين خمس عشرة إلى عشرين كلمة.
ولقد قمت بضبط نصوص الكتاب، بوضع علامات الوقف، والحركات المناسبة في أواخر الكلمات حيث يلزم. ثم حددت بدايات: للمقاطع والفقرات، وانتقلت بعد ذلك إلى تحقيق الكتاب، بتخريج الأبيات الشعرية من مصادرها في الدواوين، وفي أمهات كتب الأدب والتاريخ، وخرّجت الآيات، والأحاديث النبوية ما أمكنني، ولم اهتد إلى بعض الأحاديث فتركتها، ولم أشر إلى ذلك. كما خرّجت أمثال الكتاب، وعرّفت بأعلامه وخصوصا الشعراء، بإشارات سريعة، ولم اتوقف على الدقائق، والتفاصيل لغير حاجة.
وبعد، فإن ما قمت به، ما هو إلا محاولة متواضعة، أرجو أن أكون قد وفقت في مسعاي، لإخراج هذا الكتاب في حلة جديدة تليق به، داعيا المولى عز وجل أن ينفعنا به، إنه سميع مجيب.
والله الموفق أحمد حسن بسج بيروت في ١٧ جمادى الأولى ١٤١٤ هجرية الموافق ١/١١/١٩٩٣ رومية