للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبيل الموت غاية كلّ حيّ ... وداعيه لأهل الأرض داعي

ومن لا يغتبط يسأم ويهرم ... وتسلمه المنون إلى انقطاع

وما للمرء خير في حياة ... إذا ما عدّ من سقط المتاع

وهذه الأبيات تشجع أجبن خلق الله تعالى. ثم توجه إلى قطري سفيان بن الأبرد الكلبي، فظهر على قطري وقتله. ولا عقب لقطري، إنما قيل لأبيه الفجاءة، لأنه كان باليمن، فقدم على أهله فجاءة فسمي بها. كذا قال ابن خلكان وغيره.

[الحكم]

: يحل أكل النعام بالإجماع، لأنه من الطيبات، ولأن الصحابة رضي الله تعالى عنه قضوا فيه، إذا قتله المحرم أو في الحرم ببدنة. روي ذلك عن عثمان وعلي وابن عباس وزيد بن ثابت ومعاوية رضي الله عنهم. رواه الشافعي والبيهقي، ثم قال الشافعي: هذا غير ثابت عند أهل العلم بالحديث، وهو قول الأكثر ممن لقيت. وإنما قلنا في النعامة بدنة بالقياس لا بهذا.

واختلفوا في بيض النعام، إذا أتلفه المحرم أو في الحرم، فقال عمر وابن مسعود والشعبي والنخعي والزهري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي: تجب فيه القيمة. وقال أبو عبيدة وأبو موسى الأشعري: يجب فيه صيام يوم أو إطعام مسكين. وقال مالك: يجب فيه عشر ثمن البدنة كما في جنين الحرة غرة من عبد أو أمة قيمة عشر دية الأم. دليلنا أنه جزء من الصيد، لا مثل له من النعم، فوجبت قيمته، كسائر المتلفات التي لا مثل لها.

وأما حديث «١» أبي المهزم، الذي رواه ابن ماجه والدارقطني، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في بيض النعامة يصيبه المحرم ثمنه» فهو ضعيف باتفاق المحدثين، وبالغوا في تضعيفه حتى قال شعبة: أعطوه فلسا يحدثكم سبعين حديثا.

وقد تقدم ذكر أبي المهزم في الجراد أيضا، لكن في مراسيل أبي داود، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم في بيض النعام، في كل بيضة صيام يوم. ثم قال أبو داود: أسند هذا الحديث والصحيح إرساله. واستدل له في المهذب، بأنه خارج من الصيد يخلق منه مثله، فضمن بالجزاء كالفرخ، فإن كسر بيضا لم يحل له أكله بلا خلاف.

وفي تحريمه على الحلال طريقان: أصحهما أنه لا يحرم، لأنه لا روح فيه، ولا يحتاج إلى ذكاة، فإن كسر بيضا مذرا لم يضمنه من غير النعامة، لأنه لا قيمة له، ويضمنه من النعامة لأن لقشره قيمة. وقال الشافعي: لا أكره لمن يعلم من نفسه في الحرب بلاء أن يعلم. والمراد بالإعلام أن يجعل في صدره ريش نعام، كما فعله حمزة رضي الله تعالى عنه يوم بدر، فإنه غرز ريش النعام في صدره. وفي كتاب مناقب الشافعي، للحاكم أبي عبد الله، بإسناده عن محمد بن اسحاق، عن المزني، قال: سئل الشافعي عن نعامة ابتلعت جوهرة لرجل آخر، فقال: لست آمره بشيء، ولكن إن كان صاحب الجوهرة كيسا عدا على النعامة فذبحها، واستخرج جوهرته ثم ضمن لصاحب النعامة ما بين قيمتها حية ومذبوحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>