للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال شريح: اذهبا به إلى أمه فإن استقرت واستمرت ودرت، فهو سنورك، وإن هي اقشعرت وازبأرت وهربت فليست بسنورك.

[الحكم]

: الأصح تحريم أكل السنور الأهلي والوحشي، لما روي في الحديث المتقدم، أنه سبع. وروى البيهقي وغيره، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: «١» «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الهرة وأكل ثمنها» . وفي صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد وسنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع السنور» «٢» . فقيل: محمول على الوحشي الذي لا نفع فيه. وقيل:

نهي تنزيه حتى يعتاد الناس هبته وإعارته، كما هو الغالب فإن كان مما ينفع وباعه صح البيع، وكان ثمنه حلالا. هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة، إلا ما حكى ابن المنذر، عن أبي هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد أنه لا يجوز بيعه محتجين بهذا الحديث. وأجاب الجمهور عن الحديث، بأنه محمول على ما ذكرناه، وهذا هو المعتمد. وأما ما ذكره الخطابي وأبو عمر بن عبد البر، أن الحديث ضعيف، فليس كما قالا، بل الحديث صحيح كما تقدم. وقول ابن عبد البر لم يروه عن أبي الزبير غير حماد بن سلمة، غلط أيضا، لأن مسلما رواه في صحيحه من رواية معقل عن عبيد الله عن أبي الزبير، فهذان ثقتان روياه عن أبي الزبير، وهو ثقة. ورواه ابن ماجه عن ابن لهيعة عن أبي الزبير ولا يضره ذلك. وسيأتي في باب الهاء، إن شاء الله تعالى الإشارة إلى هذا أيضا، في لفظ الهرة، واختلفت الرواية عن الإمام أحمد في سنور البر، وأكثر الروايات على تحريمه كالثعلب. وبحله قال الحضرمي من أصحابنا، وهو مذهب مالك وأما الأهلي فحرام عند أبي حنيفة، ومالك وأحمد واختار البوشنجي من أصحابنا الحل والأصح تحريمه كما تقدم.

[الأمثال]

: قالوا «أثقف من سنور» «٣» . والثقف الأخذ بسرعة. يقال: رجل ثقف لقف، أي سريع الاختطاف. وقالوا: «كأنه سنور عبد الله» يضرب لمن لا يزيد سنا، إلا زاد نقصانا وجهلا وفيه قال بشار بن برد الأعمى «٤» :

أبا مخلف مازلت نباح غمرة ... صغيرا فلما شبت خيمت بالشاطى «٥»

كسنور عبد الله بيع بدرهم ... صغيرا فلما شبّ بيع بقيراط

لكنه مثل مولد ليس من كلام العرب. وقال ابن خلكان: ولقد كشفت عن سنور عبد الله المظان، وسألت عنه أهل المعرفة بهذا الشأن، فما عرفت له خبرا ولا عثرت له على أثر. ثم إني ظفرت بقول الفرزدق «٦» :

<<  <  ج: ص:  >  >>