لأنه جعل ذنوب المؤمنين صنفين: صنف كفره بالمصائب، وصنف عفا عنه، وهو جل وعلا كريم لا يعود في عفوه.
[فائدة أخرى]
: يقال: لسعته العقرب والحية تلسعه لسعا فهو ملسوع وما أحسن قول الأول:
قالوا: حبيبك مسلوع، فقلت لهم: ... من عقرب الصّدغ أم من حيّة الشعر
قالوا: بلى من أفاعي الأرض، قلت لهم: ... وكيف تسعى أفاعي الأرض للقمر
ويقال في الحية: عضت تعض، ونهشت تنهش، ونشطت تنشط، ونكزت بأنفها تنكز. وأنشدني شيخنا الشيخ جمال الدين عبد الرحيم الاسنوى قال: أنشدنا شيخنا الشيخ أثير الدين أبو حيان قال: أنشدنا الحافظ رضي الدين أبو عبد الله الشاطبي قال: أنشدنا أبو الربيع سليمان بن سالم الناقد قال: أنشدنا أبو عبد الله بن رافع القيسي قال: أنشدنا أبو القاسم بن حبيش قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن الفراء الضرير الخطيب بقصبة المرية لنفسه:
يا حسنا مالك لم تحسن ... إلى نفوس في الهوى متعبه
رقمت بالورد وبالسوسن ... صفحة خدّ بالسنا مذهبه
وقد أبى صدغك إن أجتنى ... منه وقد ألدغني عقربه
يا حسنه إذ قال: ما أحسني ... ويا لذاك اللفظ ما أعذبه
قلت له: كلك عندي سنا ... وكلّ ألفاظك مستعذبه
ففوق السهم ولم يخطني ... ومذ رآني ميتا أعجبه
وقال كم عاش وكم حبني ... وحبه إياي قد أتعبه
يرحمه الله على أنني ... قتلي له لم أدر ما أوجبه
قال الحريري في درة الغواص: السوسن بفتح السين، وقد أذكرني السوسن أبياتا أنشدنيها علي بن عبد العزيز الأديب المغربي، لأبي بكر بن القوطية الأندلسي، يصف فيها الورد والسوسن، مما أبدع فيه وأحسن فأوردتها على وجه التسديد لسمط هذا الفصل، والتأسي بمن درج من أهل الفضل وهي:
قم فاسقنيها على الورد الذي نعما ... وباكر السوسن الغضّ الذي نجما
كأنما ارتضعا خلفي سماءهما ... فأرضعت لبنا هذا وذاك دما
جسمان قد كفّر الكافور ذاك وقد ... عقّ العقيق احمرارا ذا وما ظلما «١»
كان ذا طلية نصّت لمعترض ... وذاك خدّ غداة البين قد لطما
أولا فذاك أنابيب اللجين وذا ... جمر الغضى حركته الريح فاضطر ما «٢»
وقالت العرب: قد كنت أظن أن العقرب أشد لسعا من الزنبور، فإذا هو هي. وقالوا