قال: إنها بدنة، قال: اركبها ويلك في الثانية أو في الثالثة وفي رواية ويلك اركبها ويلك اركبها» .
وروى الحاكم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال إذا أردت أن تنحر البدنة فأقمها، ثم قل الله أكبر أللهم منك وإليك ثم سم وانحرها وكذلك في الأضحية.
وفي الصحيحين «١» عن زياد بن جبير قال رأيت ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أتى على رجل قد أناخ بدنة ينحرها فقال: ابعثها قائمة مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم. وروى الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله بن قرظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٢» : «أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القرو قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس بدنات أو ست ينحرهن فطفقن يزدلفن إليه أيتهن يبدأ بها» .
وفي ركوب البدنة مذاهب للعلماء: فذهب الشافعي إلى أنه يركبها إذا احتاج ولا يركبها من غير حاجة وإنما يركبها بالمعروف من غير اضرار بها. وبهذا قال ابن المبارك وابن المنذر وجماعة.
وقال مالك وأحمد: له ركوبها من غير حاجة. وبه قال عروة بن الزبير وإسحاق بن راهويه. وقال أبو حنيفة: لا يركبها إلا أن لا يجد منه بدا. وحكى القاضي عن بعض العلماء أنه يجب ركوبها لظاهر الأمر ودليل الجمهور أن النبي صلى الله عليه وسلم «أهدي ولم يركب هديه، ولم يأمر الناس بركوب الهدايا» . وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ويلك» هذه الكلمة أصلها لمن وقع في هلكة فقال له ذلك لأنه كان محتاجا قد وقع في جهد وتعب وقيل: هذه الكلمة تجري على اللسان وتستعمل من غير قصد إلى ما وضعت له أولا وهي كقولهم لا أم له، لا أب له، تربت يداه، قاتله الله عقري حلقي وما أشبه ذلك.
[البذج:]
بالذال المعجمة من أولاد الضأن بمنزلة العتود من أولاد المعز وجمعه بدجان قال الشاعر:
قد هلكت جارتنا من الهمج ... وإن تجع تأكل عتودا أو بذج
قال الجوهري ومراده بالهمج، سوء التدبير في المعاش. وفي الحديث «يخرج رجل من النار كأنه بذج ترعد أوصاله» وروى ابن المبارك عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن وقتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «٣» : قال: «يجاء برجل يوم القيامة كأنه بذج من الذل، فيوقف بين يدي الله تعالى، فيقول له: أعطيتك وخوّلتك وأنعمت عليك، فماذا صنعت؟ فيقول:
رب جمعته ونميته وتركته أكثر ما كان فارجعني آتك به، فيقول الله تعالى: أرني ما قدمت فإذا هو عبد لم يقدم خيرا فيمضي به إلى النار» . خرجه ابن العربي المالكي في سراج المريدين. وقال:
حديث صحيح من مراسيل الحسن. قال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب، رواه الترمذي عن إسماعيل بن مسلم المكي، وهو رواه عن الحسن، والبذج بباء موحدة مفتوحة وذال معجمة ساكنة ثم جيم من أولاد الضأن شبه به هذا لما يأتي به من الذل والحقارة انتهى.