ناقتي حتى إذا كنت بالغابة، زجرت الطائر، فأخبرني بوفاته صلى الله عليه وسلم ونعب غراب سانح، فنطق بمثل ذلك فتعوذت بالله من شر ما عن لي في طريقي.
فقدمت المدينة ولها ضجيج بالبكاء، كضجيج الحجيج إذا أهلوا بالإحرام، فقلت: ما الخبر؟ قالوا: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه، فجئت إلى المسجد، فوجدته خاليا فأتيت بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدت بابه مرتجا أي مغلقا، وقيل هو مسجى وقد خلا به أهله، فقلت: أين الناس؟ فقيل: في سقيفة بني ساعدة صاروا إلى الأنصار. فجئت إلى السقيفة فأصبت أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح وجماعة من قريش، ورأيت الأنصار فيهم سعد بن عبادة، وفيهم شعراؤهم حسان بن ثابت وكعب بن مالك فأويت إلى قريش، وتكلمت الأنصار فأطالوا الخطاب وأطالوا الجواب. وتكلم أبو بكر، فلله دره من رجل لا يطيل الكلام ويعلم مواضع فصل الخطاب، والله لقد تكلم بكلام لا يسمعه سامع إلا انقاد له ومال إليه. ثم تكلم عمر رضي الله تعالى عنه بدون كلامه، ثم قال لأبي بكر: مد يدك أبايعك! فمد يده فبايعه، وبايعه الناس، ورجع أبو بكر رضي الله تعالى عنه، ورجعت معه. قال أبو ذؤيب: فشهدت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وشهدت دفنه.
[أبو شبقونة:]
بضم الشين وسكون الباء الموحدة وضم القاف وبعدها نون، قال في المرصع:
إنه طائر يكون مع الحمر والنعم يأكل الذباب والله أعلم.
[باب الصاد المهملة]
[الصؤابة:]
بالهمزة، بيضة القملة والجمع صؤاب وصئبان، والعامة تخففه فتقول صيبان، والصواب الهمز. قال ابن السكيت: يقال: في رأسه صؤابة، والجمع صئبان بالهمز وقد صيب رأسه بالياء المثناة، تحت المخففة، وقال الجاحظ: قال اياس بن معاوية: الصيبان ذكور القمل، وهو من الشيء الذي يكون ذكوره أصغر من إناثه، كالزراريق والبزاة فالبزاة هي الإناث والزراريق الذكور وليس فيه ذكر شيء من الصؤاب انتهى.
وروى خيثمة بن سليمان، في مسنده، في آخر الجزء الخامس عشر، عن جابر بن عبد الله، رضي الله تعالى عنه قال: قال «١» رسول الله صلى الله عليه وسلم: «توضع الموازين يوم القيامة، فتوزن الحسنات والسيئات، فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال صؤابة دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال صؤابة دخل النار» قيل: يا رسول الله فمن استوت حسناته وسيئاته؟ قال صلى الله عليه وسلم:
«أولئك أصحاب الأعراف لم يدخلوها وهم يطمعون» .
[الحكم]
: قال الشافعي: حكم الصئبان حكم القمل للمحرم، إذا قتل منه شيئا يستحب أن يتصدق ولو بلقمة، وجزم في الروضة بأنه بيض القمل كما قاله الجوهري وغيره وقد تقدم في السلحفاة البحرية، أن التسريح بمشط الذبل يذهب الصئبان لخاصية فيه.
[الأمثال]
: قالوا «٢» : «يعد فيّ مثل الصؤاب وفي عينيه مثل الجرّة» قال الميداني: يضرب لمن يلومك في قليل ما كثر فيه من العيوب وأنشد الرياشي: