ذراع وأكله مات من ساعته. ومن عجيب أمر السمندل استلذاذه بالنار ومكثه فيها. وإذا اتسخ جلده لا يغسل إلا بالنار وكثيرا ما يوجد بالهند، وهي دابة دون الثعلب خلنجية اللون حمراء العين ذات ذنب طويل، ينسج من وبرها مناديل، إذا اتسخت ألقيت في النار فتنصلح ولا تحترق. وزعم آخرون أن السمندل طائر ببلاد الهند يبيض ويفرخ في النار، وهو بالخاصية لا تؤثر فيه النار ويعمل من ريشه مناديل تحمل إلى بلاد الشام. فإذا اتسخ بعضها، طرح في النار فتأكل النار وسخه الذي عليه ولا يحترق المنديل. قال ابن خلكان: ولقد رأيت منه قطعة ثخينة منسوجة على هيئة حزام الدابة، في طوله وعرضه فجعلوها في النار، فما عملت فيها شيئا فغمسوا أحد جوانبها في الزيت، ثم تركوه على فتيلة السراج فأشعل، وبقي زمانا طويلا مشتعلا، ثم أطفؤوه، فإذا هو على حاله ما تغير منه شيء. قال: ورأيت، بخط شيخنا العلامة عبد اللطيف بن يوسف البغدادي «١» ، أنه قال قدم للملك الظاهر ابن الملك الناصر صلاح الدين، صاحب حلب قطعة سمندل عرض ذراع في طول ذراعين فصاروا يغمسونها في الزيت، ويوقدونها حتى يفنى الزيت وترجع بيضاء كما كانت، ذكره في ترجمة يعقوب بن جابر المنجنيقي «٢» ، مع زيادة أخرى وأبيات تأتي إن شاء الله تعالى في باب العين المهملة في العنكبوت. وقال القزويني: السمندل نوع من الفأر يدخل النار وذكر كما تقدم والمعروف أنه طائر كما حكاه البكري في كتاب المسالك والممالك وغيره أيضا.
[الخواص]
: مرارته إذا سقى منها وزن دانق بماء الحمص المغلي المصفى، بلبن حليب مرارا كثيرة، من به السموم القاتلة، أبرأه منها. ودماغه، إذا اكتحل به، مع الإثمد، صاحب الماء النازل، أبرأه، ويحفظ الحدقة من سائر الداء. ودمه إذا طلي به على الوضح أي البرص غير لونه.
ومن بلع شيئا من قلبه لا يسمع بعد ذلك شيئا إلا حفظه. ومرارته تنبت الشعر ولو على الراحة.
السمّور:
وهو بفتح السين وبالميم المشددة المضمومة، على وزن السفود والكلوب، حيوان بري يشبه السنور، وزعم بعض الناس أنه النمس، وإنما البقعة التي هو فيها هي التي أثرت في تغير لونه وقال عبد اللطيف البغدادي: إنه حيوان جريء ليس في الحيوان أجرأ منه على الإنسان، لا يؤخذ إلا بالحيل، وذلك بأن يدفن له جيفة فيغتال بها، ولحمه حار، والترك يأكلونه، وجلده لا يدبغ كسائر الجلود انتهى.
ومن غريب ما وقع للنووي، في تهذيب الأسماء واللغات، أنه قال: السمور طائر، ولعله سبق قلم. وأعجب منه ما حكاه ابن هشام البستي، في شرح الفصيح، أنه ضرب من الجن، وخص هذا النوع، باتخاذ الفراء من جلوده، للينها وخفتها، ودفأتها وحسنها، ويلبسه الملوك والأكابر. قال مجاهد: رأيت على الشعبي قباء سمور.