للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طالب، وهو في ثمان مجلدات ضخمة جدا وبالله التوفيق.

[فائدة أخرى]

: قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ

«١» هذه السورة أول ما نزل من القرآن كما ثبت في الصحيحين، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها. قيل: وجه المناسبة بين الخلق من علق، والتعليم بالقلم، وتعليم العلم، أن أدنى مراتب الإنسان كونه علقة وأعلاها كونه عالما، فكأنه سبحانه وتعالى امتن على الإنسان، بنقله من أخس المراتب، وهي العلقة، إلى أعلاها، وهي العلم.

قال الزمخشري: فإن قلت: لم قال: من علق وإنما خلق من علقة واحدة، كقوله تعالى من نطفة ثم من علقة؟ قلت: لأن الإنسان في معنى الجمع، كقوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ

«٢» والأكرم هو الذي له الكمال في زيادة تكرمه على كل كريم، ينعم على عباده النعم التي لا تحصى، ويحلم عليهم فلا يعاجلهم بالعقوبة، مع كفرهم وجحودهم لنعمه، وركوبهم المناهي، وإطراحهم الأوامر، ويقبل توبتهم ويتجاوز عنهم بعد اقترافهم العظائم. فما لكرمه غاية ولا أمد، وكأنه ليس وراء التكرم بافادة الفوائد العظيمة تكرم، حيث قال: الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ

«٣» فدل على كمال كرمه، بأنه علم عباده ما لم يعلموا، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم، ونبه على فضل الكتابة، لما فيها من المنافع العظيمة، التي لا يحيط بها إلا هو. وما دونت العلوم الأول، ولا قيدت الحكم، ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم، ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة. ولولا هي ما استقامت أمور الدين والدنيا، ولو لم يكن على دقيق حكمة الله ولطيف تدبيره دليل إلا أمر القلم والخط لكفى به.

[فائدة أخرى]

: سئل شيخ الإسلام الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى عن العلقة السوداء، التي أخرجت من قلب النبي صلى الله عليه وسلم في صغره، حين شق فؤاده، وقول الملك هذا حظ الشيطان منك، فأجاب بقوله: تلك العلقة خلقها الله تعالى في قلوب البشر قابلة لما يلقيه الشيطان فيها، فأزيلت من قلبه عليه الصلاة والسلام فلم يبق فيه مكان قابل لأن يلقي الشيطان فيه شيئا.

هذا معنى الحديث ولم يكن للشيطان فيه صلى الله عليه وسلم حظ قط، وإنما الذي نفاه الملك أمر هو في الجبلات البشرية، فأزيل القابل الذي لم يكن يلزم من حصوله حصول القذف في قلبه عليه الصلاة والسلام. فقيل له: لم خلق الله هذا القابل في هذه الذات الشريفة، وكان يمكنه أن لا يخلقه فيها؟

فقال: لأنه من جملة الأجزاء الإنسانية فخلقه تكملة للخلق الإنساني فلا بد منه ونزعه كرامة ربانية طرأت بعده انتهى.

[الحكم]

: يحرم أكل العلق ويجوز بيعه لما فيه من المنفعة ويستثنى بيع القرمز من عدم جواز بيع الحشرات كما تقدم.

[فرع]

: العلقة فيها وجهان: أحدهما أنها نجسة لأنها دم خارج من الرحم كالحيض. والثاني أنها طاهرة، لأنها دم غير مسفوح، فهي كالكبد والطحال، نقله أبو حامد عن الصيرفي، وصرح

<<  <  ج: ص:  >  >>