للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشاء فلقيها ذئب فأكلها. وقال ابن الأعرابي: أصله أن رجلا يقال له سرحان، كان بطلا تتقيه الناس، فقال رجل يوما: والله لأرعين إبلي في هذا الوادي ولا أخاف سرحان بن هزلة فأتى إليه فقتله وأخذ إبله وقال:

أبلغ نصيحة أن راعي إبلها ... سقط العشاء به على سرحان

سقط العشاء به على متنمر ... طلق اليدين معاود لطعان

يضرب في طلب الحاجة تؤدي صاحبها إلى التلف.

[السرطان:]

بفتح السين والراء المهملتين وبالنون في آخره، حيوان معروف ويسمى عقرب الماء، وكنيته أبو بحر وهو من خلق الماء وعيش في البر أيضا وهو جيد المشي سريع العدو، ذو فكين ومخاليب وأظفار حداد، كثير الأسنان صلب الظهر من رآه رأى حيوانا بلا رأس ولا ذنب، عيناه في كتفيه وفمه في صدره وفكاه مشقوقان من الجانبين، وله ثماني أرجل، وهو يمشي على جانب واحد، ويستنشق الماء والهواء معا، ويسلخ جلده في السنة ست مرات، ويتخذ لجحره بابين:

أحدهما شارع في الماء، والآخر إلى اليبس، فإذا سلخ جلده سد عليه ما يلي الماء خوفا على نفسه من سباع السمك، وترك ما يلي اليبس مفتوحا ليصل إليه الريح فتجف رطوبته ويشتد، فإذا اشتد فتح ما يلي الماء وطلب معاشه. وقال ارسطاطاليس في النعوت: وزعموا أنه إذا وجد سرطان ميت في حفرة مستلقيا على ظهره في قرية أو أرض تأمن تلك البقعة من الآفات السماوية، وإذا علق على الأشجار يكثر ثمرها وفي وصفه قال الشاعر:

في سرطان البحر أعجوبة ... ظاهرة للخلق لا تخفى

مستضعف المشية لكنه ... أبطش من جاراته كفّا

يسفر للناظر عن جملة ... متى مشى قدرها نصفا

ويقال: إن ببحر الصين سرطانات متى خرجت إلى البر استحجرت، والأطباء يتخذون منها كحلا يجلو البياض، والسرطان لا يتخلق بتوالد ولا نتاج، إنما يتخلق في الصدف ثم يخرج منه ويتولد.

وفي الحلية عن أبي الخير الديلمي أنه قال: كنت عند خير النساج فجاءته امرأة وطلبت أن ينسج لها منديلا، وقالت له: كم الأجرة؟ فقال لها: درهمان فقالت: ما معي الساعة شيء وغدا أتيك بهما إن شاء الله تعالى، فقال لها: إذا أتيتني ولم تريني فارمي بهما في الدجلة فإني إذا رجعت أخذتهما منها إن شاء الله تعالى، فقالت: حبا وكرامة. قال أبو الخير: فجاءت المرأة من الغد وخير غائب، فقعدت ساعة تنتظره ثم قامت وألقت خرقة في الدجلة، فيهما الدرهمان، فإذا سرطان قد تعلق بالخرقة، وغاص في الماء. ثم جاء خير بعد ساعة، ففتح باب حانوته وجلس على الشط يتوضأ، وإذا بسرطان خرج من الماء يسعى نحوه والخرقة على ظهره، فلما قرب من الشيخ أخذها وذهب السرطان إلى حال سبيله. فقلت له: رأيت كذا وكذا، فقال: أحب أن لا تبوح بهذا في حياتي فأجبته إلى ذلك.

[الحكم]

: يحرم أكله لاستخباثه كالصدف قال الرافعي: ولما فيه من الضرر، وفي قول انه

<<  <  ج: ص:  >  >>