الشاء لا واحد له من لفظه، والجمع أغنام وغنوم وأغانم وغنم مغنمة أي كثيرة، هذه عبارة المحكم. وقال الجوهري: الغنم اسم مؤنث موضوع للجنس، يقع على الذكور والإناث وعليهما جميعا، وإذا صغرتها ألحقتها الهاء فقلت: غنيمة، لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها، إذا كانت لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم، يقال: له خمس من الغنم ذكور فتؤنث العدد، وإن عنيت الكباش إذا كان يليه من الغنم ذكور لأن العدد يجري في تذكيره وتأنيثه على اللفظ، لا على المعنى. والإبل كالغنم في جميع ما ذكرناه، وقد أجاد الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه حيث يقول «١» :
سأكتم علمي عن ذوي الجهل طاقتي ... ولا أنثر الدرّ النفيس على الغنم
فإن يسّر الله الكريم بفضله ... وصادفت أهلا للعلوم وللحكم
فمن منح الجهال علما أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقد ظلم
روى عبد بن حميد بسنده إلى عطية، عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال:
افتخر أهل الإبل وأهل الغنم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام:«السكينة والوقار في أهل الغنم، والفخر والخيلاء في أهل الإبل»«٢» . وهو في الصحيحين بألفاظ مختلفة منها «السكينة والوقار في أهل الغنم والفخر والرياء في الفدادين أهل الخيل والوبر» . وفي لفظ «الفخر والخيلاء في أصحاب الإبل والسكينة والوقار في أصحاب الشاء» . أراد بالسكينة السكون، وبالوقار التواضع، وأراد بالفخر التفاخر بكثرة المال والجاه، وغير ذلك من مراتب أهل الدنيا، وبالخيلاء التكبر والتعاظم. ومنه قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ
«٣» ومراده بالوبر أهل الإبل لأنه لها كالصوف للضأن والشعر للمعز، ولذلك قال الله تعالى: وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ
«٤» وهذا منه صلى الله عليه وسلم إخبار عن أكثر حال أهل الغنم وأهل الإبل وأغلبه. وقيل: أراد به عليه الصلاة والسلام أي بأهل الغنم أهل اليمن، لأن أكثرهم أهل غنم، بخلاف ربيعة ومضر، فإنهم أصحاب إبل.
وروى «٥» مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه غنما بين جبلين، فأتى قومه فقال: يا قوم أسلموا فو الله إن محمدا ليعطي عطاء رجل لا يخاف الفقر.
وقد تقدم في باب الدال المهملة في الكلام على الدجاج، الحديث الذي رواه ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم «أمر الأغنياء باتخاذ الغنم، وأمر الفقراء باتخاذ الدجاج» ، وقال عند اتخاذ الأغنياء الدجاج:«يأذن الله بهلاك القرى»«٦» . وقد بينا معناه، في شرح سنن ابن ماجه، وبينا أن في إسناده علي بن عروة الدمشقي، وأن ابن حبان قال: كان يضع الحديث.