ولما قتل الوليد اضطربت البلاد واستنصر على بني أمية أعداؤهم ولم تقم لهم قائمة بعده.
وقتل في جمادى الأولى سنة ست وعشرين ومائة. وكانت خلافته سنة واحدة وقيل سنة وشهرين.
وكان من أجمل الناس وأحسنهم وأقواهم وأجودهم شعرا وكان فاسقا مشتهرا منهمكا متهتكا فقاموا عليه لفسقه وارتكابه القبائح فخرج عليه تدينا ابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك، الملقب بالناقص، وتغلب على دمشق وكان الوليد بناحية تدمر في الصيد فجهز يزيد عسكرا فحاربه إلى أن أحاطوا به بحصن البحرة من أرض تدمر، ثم تسوروا عليه وذبحوه وأتوا برأسه على رمح ثم نصبوه على سور دمشق.
[خلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان]
ثم قام بالأمر بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك. بويع له بالخلافة يوم خلع ابن عمه الوليد بن يزيد، وهو أول خليفة كانت أمه أمة، وكان بنو أمية يتحرزون ذلك تعظيما للخلافة، ولما سقط إليهم أن ملكهم يزول على يد خليفة كانت أمه أمة، وكانوا يتخوفون من ذلك، إلى أن ولي الخلافة الوليد بن يزيد فعلموا أن ملكهم قد انقضى. وكان يزيد يسمى الناقص وإنما سمي بذلك لأنه نقص أعطيات الناس، وردهم إلى ما كانوا عليه أيام هشام، وقيل النقصان كان في أصابع رجليه، وأول من سماه بهذا مروان بن محمد. وأقام يزيد في الخلافة والأمور مضطربة عليه، وكان مظهرا للنسك، وقراءة القرآن، وأخلاق عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه، وكان ذا دين وورع، إلا أنه لم يمتع وبغتته المنية. وتوفي في ثامن عشر جمادى الآخرة من السنة المذكورة وهو ابن أربعين سنة وقيل ست وأربعين وقال الشافعي رحمه الله تعالى: ولي يزيد بن عبد الملك فدعا الناس إلى القدر وحملهم عليه. وكانت خلافته خمسة أشهر ونصفا وقيل ستة أشهر والله أعلم.
[خلافة ابراهيم بن الوليد]
ولما مات يزيد بويع أخوه إبراهيم بن الوليد، بعهد من أخيه يزيد بن الوليد، ولم يثبت له أمر فكان جمعة يسلم عليه بالخلافة وجمعة بالأمارة وجمعة لا يسلم عليه لا بالخلافة ولا بالإمارة، وما زالت الأمور مضطربة عليه. إلى أن قتله مروان بن محمد وصلبه. وكانت ولايته شهرين وعشرة أيام. وفي هذا نظر لأن مروان بن محمد بن مروان الحمار، لما سمع بمبايعته، وكان نائبا على أذربيجان وتلك النواحي، وصاحب الفتوحات سار لحينه، ودعا إلى نفسه وقدم الشام فجهز له إبراهيم بن الوليد أخويه بشرا ومسرورا، فالتقوا وانتصر عليهم مروان فزحف حتى نزل مرج عذراء فبرز إليه سليمان بن هشام بن عبد الملك، فانكسر فبرز إليه الخليفة إبراهيم بن الوليد وعسكر بظاهر دمشق، فخذله جنده وخامروا عليه بعد أن أنفق عليهم الخزائن فاختفى أمرهم.
فبايع الناس مروان واستوثق له الأمر فظهر إبراهيم ودخل عليه ونزل له عن الخلافة.