للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بها من وجع الأسنان، وتنفع من نهش الرتيلاء. وإذا بخر بها طردت الهوام.

قال القاضي: وذكر جالينوس أن من خاصيتها إذهاب حمى البلغم والسوداء، وتقتل حب القرع. وإذا علق الشونيز في عنق المزكوم ينفعه، وينفع من حمى الربع. قال: ولا تبعد منفعته من أدوية حارة لخواص فيها فقد نجد ذلك في أدوية كثيرة فيكون الشونيز منها لعموم الحديث، ويكون استعماله أحيانا منفردا وأحيانا مركبا.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الكمأة، وهي بفتح الكاف وإسكان الميم وبعدها همزة مفتوحة: و «ماؤها شفاء للعين» قيل: هو نفس الماء مجردا، وقيل: معناه أن يخلط ماؤها بدواء يعالج به العين، وقيل: إن كان لتبريد ما في العين من حرارة، فماؤها مجردا شفاء، وإن كان لغير ذلك فيركب مع غيره. قال الإمام النووي: والصحيح، بل الصواب أن ماءها مجردا شفاء للعين مطلقا، فيعصر ماؤها، ويجعل في العين منه. قال: وقد رأيت أنا وغيري في زماننا من كان أعمى وذهب بصره حقيقة، فكحل عينيه بماء الكمأة مجردا، فبرىء وعاد بصره إليه. وهو الشيخ العدل الإمام الكمال الدمشقي صاحب فقه ورواية للحديث. وكان استعماله ماء الكمأة اعتقادا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وتبركا به، فشفاه الله لذلك.

ففي هذا الحديث والأحاديث المتقدمة بيان لما حواه النبي صلى الله عليه وسلم من علوم الدين والدنيا، وصحة علم الطب، وجواز التطبب في الجملة، واستحبابه لما ذكر في الأحاديث الصحيحة من الحجامة وشرب الأدوية والسعوط، وقطع العروق والرقى وغير ذلك من الأدوية، ولا خفاء أن لله تعالى في مخلوقاته حكما وأسرارا، ولم يخلق جل جلاله داء إلا وخلق له دواء علمه من علمه وجهله من جهله والله أعلم.

وذهبت طائفة إلى أن هذه الآية «١» وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ

إنما يراد بها أهل البيت من بني هاشم، وأنهم النحل وأن الشراب هو القرآن، وقد ذكر بعضهم هذا في مجلس أبي جعفر المنصور فقال له رجل: جعل الله طعامه وشرابه مما يخرج من بطون بني هاشم، فأضحك الحاضرين وأبهت القائل.

[فائدة أخرى]

: اعلم أن للعسل أسماء كثيرة منها السنوت كسفود وسنور، وفي الحديث «٢» «عليكم بالسنى والسنوت» ومنها السلوى لأنه يسلي عن كل حلو، قال خالد بن زهير الهذلي:

وقاسمها بالله جهد الأنتم ... ألذّ من السلوى إذا ما نشورها

ومن أسمائه الحافظ والأمين، لأنه يحفظ ما يودع فيه، فيحفظ الميت أبدا واللحم ثلاثة أشهر، والفاكهة ستة أشهر.

روى «٣» أصحاب الكتب الستة، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>