للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: لقي عيسى ابن مريم عليه السلام إبليس فقال: أما علمت أنه لا يصيبك إلا ما قدر لك؟

قال: نعم. قال إبليس: فارق إلى ذروة هذا الجبل وترد منها، فانظر أتعيش أم لا؟ فقال له عيسى عليه السلام: أما علمت أن الله قال: لا يختبرني عبدي، فإني أفعل ما شئت، إن العبد لا يبتلي ربه، ولكن الله يبتلي عبده. قال طاوس: فخصمه.

وكان يقول: صاحب العقلاء تنسب إليهم، وإن لم تكن منهم. وروى أبو داود الطيالسي، عن زمعة ابن صالح عن ابن طاوس عن أبيه أنه قال: من لم يدخل في وصية، لم تنله بلية، ومن لم يتول القضاء بين الناس لم ينله جهد البلاء.

وروى أحمد عنه، في كتاب الزهد، أنه قال: إن الموتى يفتنون في قبورهم سبعة أيام، فكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام. قال: وكان من دعاء طاوس: اللهم ارزقني الإيمان والعمل، ومتعني بالمال والولد.

روى عنه الحافظ أبو نعيم وغيره، أنه قال: كان رجل له أربعة بنين فمرض، فقال أحدهم: إما أن تمرضوه، وليس لكم من ميراثه شيء، وإما أن أمرضه وليس لي من ميراثه شيء؟

فقالوا: من أمرضه وليس لك من ميراثه شيء فمرضه حتى مات. ولم يأخذ من ميراثه شيئا فأتى إليه في النوم، فقال له: ائت مكان كذا وكذا فخذ منه مائة دينار. فقال في نومه: أفيها بركة؟ فقال:

لا. فأصبح فذكر ذلك لامرأته فقالت: خذها فإن من بركتها أن تكتسي منها وتعيش فأبى. فلما أمسى أتى له في النوم، فقال له: ائت مكان كذا وكذا فخذ منه عشرة دنانير، فقال: أفيها بركة؟

قال: لا. فلما أصبح ذكر ذلك لامرأته، فقالت له مثل مقالتها الأولى، فأبى أن يأخذها. فأتى له في الليلة الثالثة، فقال له: ائت مكان كذا وكذا فخذ منه دينارا، قال: أفيه بركة؟ قال: نعم.

فذهب فأخذ الدينار، ثم خرج به إلى السوق، فإذا هو برجل يحمل حوتين، فقال له: بكم هما؟

فقال: بدينار فأخذهما منه بالدينار، وانطلق بهما إلى منزله، فشق بطونهما فوجد فيهما درتين، لم ير الناس مثلهما. قال: فبعث الملك يطلب درة ليشتريها فلم توجد إلا عنده، فباعها بوقر ثلاثين بغلا ذهبا. فلما رآها الملك، قال: ما تصلح هذه إلا بأخت، أطلبوا أختها وإن أضعفتم ثمنها فجاؤوا إليه فقالوا له: أعندك أختها، ونحن نعطيك ضعف ما أعطيناك؟ قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم.

فأعطاهم إياها بضعف ما أخذوا به الأولى.

توفي طاوس وهو ابن بضع وسبعين سنة حاجا بمكة، قبل يوم التروية بيوم، وصلى عليه هشام بن عبد الملك، وهو أمير المؤمنين، وذلك في سنة ست ومائة. وحج أربعين حجة وكان مجاب الدعوة.

[الحكم]

: يحرم أكل لحم الطاوس لخبث لحمه، وقيل: يحل لأنه لا يأكل المستقذرات واللحوم، وعلى الوجهين يصح بيعه إما لحل أكله، وإما للتفرج على لونه. وقد تقدم في الصيد، أن أبا حنيفة قال: لا يقطع سارق الطيور لأن أصلها على الإباحة، وخالفه الشافعي ومالك وأحمد وغيرهم في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>