للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعمرين، عمر أكثر من ثلاثمائة وخمسين سنة، فقاوله المقاولة المشهورة، وكان في يد عبد المسيح قارورة يقلبها، فقال له خالد: ما الذي في هذه القارورة؟ قال سم ساعة. قال: ما تصنع به؟

قال: إن وجدت عندك ما أحبه لقومي وأهل بلدي حمدت الله وقبلته، وإن لم أجد ذلك شربته وقتلت نفسي به. ولم أرجع إلى قومي بما يسوؤهم. فقال خالد رضي الله عنه: هاتها فناوله القارورة فأفرغها خالد في راحته وقال: بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله بسم الله رب الأرض والسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم. ثم شربه، ويقال: إنه شرب عليه ماء، فضرب بذقنه على صدره، وغشيه عرق ثم سري عنه، فانصرف عبد المسيح إلى قومه، وكانوا نصارى نسطورية، إلا أنهم عرب، فقال لهم:

جئتكم من عند رجل شرب سم ساعة فلم يضره فاعطوه ما سألكم، وأخرجوه من أرضكم راضيا، فهؤلاء قوم مصنوع لهم، وسيكون لهم شأن عظيم. فصالحوه على ثمانين ألف درهم فضة انتهى.

وقال بعضهم: إن سم ساعة لا يكون إلا من الحية الهندية، ولا ينفع فيها درياق ولا غيره وفي الناصح أيضا: أن أمة لأبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، قالت له: من أي جنس أنت؟ قال: أنا آدمي مثلك. قالت: كيف تكون آدميا. وقد أطعمتك السم أربعين يوما فما ضرك؟ فقال لها: أما علمت أن الذاكرين الله تعالى لا يضرهم شيء وإني كنت أذكر الله باسمه الأعظم. قالت: وما هو؟ قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض وفي السماء وهو السميع العليم. ثم قال: ما الذي حملك على ذلك؟ قالت: بغضك. قال: أنت حرة لوجه الله تعالى وأنت في حل مما صنعت انتهى.

[عجيبة:]

ذكر القرطبي، في تفسير سورة غافر، عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن كعب الأحبار، أنه قال: لما خلق الله تعالى العرش، قال: لم يخلق الله تعالى خلقا أعظم مني واهتز تعاظما، فطوّقه الله تعالى بحية لها سبعون ألف جناح، في كل جناح سبعون ألف ريشة، في كل ريشة سبعون ألف وجه، في كل وجه سبعون ألف فم، في كل فم سبعون ألف لسان. يخرج من أفواهها كل يوم من التسبيح عدد قطر المطر، وعدد ورق الشجر، وعدد الحصى والثرى، وعدد أيام الدنيا، وعدد الملائكة أجمعين، فالتوت الحية على العرش، فالعرش إلى نصف الحية وهي ملتوية عليه، فتواضع عند ذلك انتهى. وروي أن الرشيد نام ليلة فسمع قائلا يقول:

يا راقد الليل انتبه ... إن الخطوب لها سرى

ثقة الفتى من نفسه ... ثقة محللة العرا

فاستيقظ فوجد المصابيح قد طفئت فأمر بالشموع فأوقدت، ونظر فإذا حية بقرب فراشه فقتلها.

[غريبة:]

ذكر الإمام أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله تعالى، في الأذكياء عن بشر بن الفضل قال: خرجنا حجاجا فمررنا بماء من مياه العرب، فوصف لنا فيه ثلاث جوار أخوات بارعات في الجمال، وإنّهن يطببن ويعالجن، فأحببنا أن نراهن، فعمدنا إلى صاحب لنا، فحككنا ساقه بعود حتى أدميناه، ثم حملناه وأتينا به إليهن، فقلنا: هذا سليم فهل من راق؟ فخرجت إلينا الأخت

<<  <  ج: ص:  >  >>