شهرين يرفع من تحته في اليوم كذا وكذا مرة طست من دم، وكان رضي الله تعالى عنه يقول:
سقيت السم مرارا ما أصابني فيها ما أصابني في هذه المرة. وكان قد أوصى لأخيه الحسين رضي الله تعالى عنهما. وقال إذا أنا مت فادفني مع جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن وجدت إلى ذلك سبيلا، وإن منعوك فأدفني ببقيع الغرقد. فلما مات رضي الله تعالى عنه، لبس الحسين ومواليه السلاح وخرجوا ليدفنوه مع جده، فخرج مروان بن الحكم في موالي بني أمية، وهو يومئذ عامل على المدينة، فمنع الحسين رضي الله تعالى عنه من ذلك وكانت وفاته في شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين، وقيل سنة خمسين وصلى عليه سعيد بن العاص، ودفن مع أمه فاطمة رضي الله تعالى عنهما، وقيل دفن بالبقيع في قبر في قبة العباس، ودفن في هذا القبر أيضا علي زين العابدين وابنه محمد الباقر وابن ابنه جعفر بن محمد الصادق فهم أربعة في قبر واحد فأكرم به قبرا. وكانت خلافته ستة أشهر وخمسة أيام وقيل ستة أشهر إلا أياما وهي تكملة ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، من مدة الخلافة «ثم يكون ملكا عضوضا، ثم يكون جبروتا وفسادا في الأرض «١» » وكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومات الحسن رضي الله تعالى عنه وعمره سبع وأربعون سنة.
[خلافة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه]
قالوا: ولما خلع الحسن رضي الله تعالى عنه من الخلافة، تم الأمر لمعاوية رضي الله تعالى عنه واستقام له الملك وصفت له الخلافة، وكان قد بويع له بالخلافة يوم التحكيم بايعه أهل الشام واختلف عليه أهل العراق إلى أن صالحه الحسن رضي الله تعالى عنه، فأجمع الناس على بيعته ومولده رضي الله تعالى عنه بالخيف من منى. أسلم قبل أبيه أبي سفيان، وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب له، وكان في عسكر أخيه يزيد بن أبي سفيان. وكان عاملا لعمر رضي الله تعالى عنه استعمله على إمرة دمشق فلما احتضر استخلف أخاه عليها، فأقره عمر رضي الله تعالى عنه على ذلك في سنة عشرين، فلم يزل متوليا على الشام عشرين سنة، وذلك بقية خلافة عمر رضي الله تعالى عنه، وخلافة عثمان رضي الله تعالى عنه، وفي خلافة علي رضي الله تعالى عنه متغلبا عليها إلى أن سلم إليه الحسن رضي الله تعالى عنه الخلافة، فاجتمع له الأمر وبعث نوّابه إلى البلاد، وذلك في سنة إحدى وأربعين، فسمي عام الجماعة لأن الأمة اجتمعت فيه بعد الفرقة، على إمام واحد. وكانت امرأة استشارت النبي صلى الله عليه وسلم في أن تتزوج به فقال «٢» : «إنه صعلوك لا مال له» . ثم بعد هذا القول بإحدى عشرة سنة صار نائب دمشق، ثم بعد الأربعين صار ملك الدنيا. وكان مليح الشكل عظيم الهيبة، وافر الحشمة، يلبس الثياب الفاخرة، والعدة الكاملة، ويركب الخيل المسومة، وكان كثير البذل والعطاء، محسنا إلى رعيته كبير الشأن يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد