جمع الكلمة وترك القتال. وظهرت المعجزة في قوله صلى الله عليه وسلم:«إن ابني هذا سيد وسيصلح «١» الله به» .
وفي رواية «ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» . ويقال أنه أخذ منه يعني من معاوية ألف ألف درهم. وقالت فرقة أنه صالحه بأذرح في جمادى الأولى وأخذ منه مائة ألف دينار، ويقال أربعمائة ألف درهم، ويقال إنه شرط عليه أن يمكنه من بيت المال يأخذ منه حاجته، وأن يكون ولي العهد من بعده ففرح معاوية بذلك، وأجاب فخلع الحسن رضي الله تعالى عنه نفسه وسلم الأمر إلى معاوية وصالحه. ودخل هو وإياه الكوفة فسمي عام الجماعة لاجتماع الأمة بعد الفرقة على خليفة واحد. قال الشعبي: شهدت خطبة الحسن رضي الله تعالى عنه حين صالح معاوية، وخلع نفسه من الخلافة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن أكيس الكيس التقى، وأحمق الحمق الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت أنا ومعاوية فيه، إن كان له فهو أحق مني به وإن كان لي فقد تركته له إرادة لإصلاح الأمة وحقن دماء المسلمين، وأنا أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.
ثم رجع إلى المدينة، وأقام بها، فعوتب على ذلك فقال رضي الله تعالى عنه: اخترت ثلاثا على ثلاث: الجماعة على الفرقة، وحقن الدماء على سفكها، والعار على النار.
وفي الحديث الصحيح عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه قال:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن وإلى جنبه، وهو يقبل على الناس مرة زعليه أخرى، ويقول إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين «٢» » .
ويروى عن الحسن رضي الله تعالى عنه أنه قال: إني لأستحيي من ربي عز وجل، أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، فمشى عشرين مرة على رجليه من المدينة إلى مكة وإن النجائب لتقاد معه.
وخرج رضي الله تعالى عنه من ماله مرتين، وقاسم الله عز وجل ماله ثلاث مرات، حتى إنه يعطي نعلا ويمسك أخرى. قال ابن خلكان: لما مرض الحسن رضي الله تعالى عنه، كتب مروان بن الحكم إلى معاوية بذلك، فكتب إليه معاوية أن أقبل المطي إلي بخبر الحسن، فلما بلغ معاوية موته سمع تكبيرة من الخضراء، فكبر أهل الشام لذلك التكبير، فقالت فاختة بنت قريظة لمعاوية: أقر الله عينك ما الذي كبرت لأجله؟ فقال: مات الحسن، فقالت أعلى موت ابن فاطمة تكبر؟ فقال:
والله ما كبرت شماتة بموته، ولكن استراح قلبي ودخل عليه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال له: يا ابن عباس هل تدري ما حدث في أهل بيتك؟ فقال: لا أدري ما حدث. إلا أني أراك مستبشرا وقد بلغني تكبيرك، فقال: مات الحسن فقال ابن عباس يرحم الله أبا محمد ثلاثا، والله يا معاوية لا تسد حفرته حفرتك، ولا يزيد عمره في عمرك، ولئن كنا قد أصبنا بالحسن، فلقد أصبنا بإمام المتقين وخاتم النبيين، فجبر الله تلك الصدعة، وسكن تلك العبرة، وكان الله الخلف علينا من بعده.
وكان الحسن رضي الله تعالى عنه قد سم، سمته إمرأته جعدة بنت الأشعث، فمكث