رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طوفي على رجليك سبعين: سبعا عن يديك وسبعا عن رجليك» . قلت:
والحكم المذكور غريب لم أر من صرح به من الفقهاء، فلذلك ذكرته هنا، وإن لم يكن له تعلق بالكتاب، ثم رأيته بعد ذلك في آخر باب النذر من المحرر لمجد الدين بن تيمية من الحنابلة.
فقال: ومن نذر أن يطوف على أربع لزمه أن يطوف طوافين نص عليه. يعني الإمام أحمد، ثم رأيته في تاريخ مكة لأبي الوليد الأزرقي، مرويا من حديث عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه سئل عن امرأة نذرت أن تطوف على أربع قال: تطوف عن يديها سبعا وعن رجليها سبعا.
[فائدة]
: روى «١» البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار جيء بالموت، كأنه كبش أملح، فيوقف بين الجنة النار ثم يذبح، ويقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت» . ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ
«٢» . وفي رواية الترمذي: «فيقال هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت. فيضجع فيذبح، فلولا أن الله تعالى قضى لأهل الجنة بالحياة والبقاء لماتوا فرحا، ولولا أن الله تعالى قضى لأهل النار بالحياة والبقاء لماتوا ترحا» . وإنما جيء بالموت على هيئة كبش، لما جاء أن ملك الموت عليه السلام أتى آدم عليه الصلاة والسلام في صورة كبش أملح قد نشر من أجنحته أربعمائة جناح.
قال ابن عباس والكلبي ومقاتل في قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ
«٣» خلقهما جسمين، جعل الموت في هيئة كبش أملح لا يمر على شيء، ولا يجد ريحه شيء إلا مات. والحياة على هيئة فرس أنثى بلقاء وهي التي كان جبريل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يركبونها، خطوها مد البصر فوق الحمار ودون البغل، لا تمر على شيء ولا تطأ شيئا، ولا يجد ريحها شيء إلا حي، وهي التي أخذ السامري من ترابها فألقاه على العجل انتهى.
وهذه هي الحكمة في فداء الذبيح بكبش ليكون فدى من الموت بشكل الموت، ولما سر بذبحه سر أهل الجنة أيضا بذبحه منة عليهم. ونقل القرطبي عن كتاب خلع النعلين، أن الذابح للكبش بين الجنة والنار، يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام، بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ في اسمه إشارة إلى الحياة الأبدية. وذكر صاحب كتاب الفردوس، أن الذي يذبحه جبريل عليه السلام.
[فائدة أخرى]
: قال ابن عباس وابن عمر وابن عمرو وسعيد بن جبير والضحاك والحسن رضي الله تعالى عنهم، في قوله تعالى قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً، أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ
«٤» إن الذي يكبر في صدورهم الموت. قال السهيلي: وهو تفسير يحتاج إلى تفسير.
قال: وقال بعض المتأخرين: إن الموت الذي يستعظمونه سيفنى حين يذبح بين الجنة والنار، فكذلك أنتم تفنون. ورأيت في الحلية لأبي نعيم في ترجمة وهب بن منبه أنه قال: إن لله تعالى في