للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روى الدارقطني والطبراني، في معجمه الأوسط عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال:

لما كلم الله تعالى موسى عليه الصلاة والسلام، كان يبصر دبيب النمل على الصفا في الليلة المظلمة من مسيرة عشرة فراسخ.

وروى الترمذي الحكيم، في نوادره، عن معقل بن يسار، قال: قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه، وشهد به على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك فقال «١» : «هو فيكم أخفى من دبيب النمل وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب الله عنك صغار الشرك وكباره، تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا، وأنا أعلم، وأستغفرك لما تعلم ولا أعلم، بقولها ثلاث مرات» .

وروي أيضا عن أبي إمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه، قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عابد والآخر عالم، فقال «٢» رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم» .

ثم قال: «إن الله وملائكته وأهل السموات وأهل الأرضين حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلمي الناس الخير» . قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وسمعت أبا عثمان الحسين بن حريث الخزاعي يقول: سمعت الفضيل بن عياض يقول:

عالم عامل معلم يدعى كثيرا في ملكوت السموات. وروي أن النملة التي خاطبت سليمان عليه الصلاة والسلام أهدت إليه نبقة فوضعتها في كفه وقالت:

ألم ترنا نهدي إلى الله ماله ... وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

ولو كان يهدى للجليل بقدره ... لقصّر عنه البحر حين يسائله

ولكننا نهدى إلى من نحبه ... فيرضى به عنا ويشكر فاعله

وما ذاك إلا من كريم فعاله ... وإلا فما في ملكنا من يشاكله

فقال سليمان عليه السلام: بارك الله فيكم. فهم بتلك الدعوة أشكر خلق الله، وأكثر خلق الله توكلا على الله تعالى.

روي أن رجلا استوقف المأمون ليسمع منه فلم يقف له، فقال: يا أمير المؤمنين إن الله استوقف سليمان بن داود عليهما السلام لنملة ليستمع منها، وما أنا عند الله بأحقر من نملة، وما أنت عند الله بأعظم من سليمان! فقال له المأمون: صدقت، ووقف له وسمع له وقضى حاجته.

ومن شعر الإمام تاج الدين اليمني في منزل فيه نمل قوله:

ما لي أرى منزل المولى الأديب به ... نمل تجمع في أرجائه زمرا

فقال: لا تعجبن من نمل منزلنا ... فالنمل من شأنها أن تتبع الشعرا

[فائدة أخرى]

: قال الإمام العلامة فخر الدين الرازي، في تفسير قوله تعالى: حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ

الآية «٣» . وادي النمل بالشأم كثير النمل. فإن قيل: لم أتى بعلى؟ قلت: لوجهين أحدهما: أن إتيانهم كان من فوق، فأتى بحرف

<<  <  ج: ص:  >  >>