هو السادس، فخلع كما سيأتي هذا إذا لم يعد ابن المعتز، وإلا فالسادس المسترشد، وقد هجم عليه قاعدته أي الباطنة، أرسلهم إليه السلطان سنجر الملقب ذا القرنين، فقتلوه ثم قام بالأمر بعده، يعني المسترشد، ابنه أبو منصور جعفر الراشد بالله بن المسترشد بن المستظهر. بويع له بالخلافة يوم موت أبيه بعهد منه، فمكث ما شاء الله ثم وقع بينه وبين السلطان مسعود.
فاستخدم الراشد أجنادا كثيرة وتهيأ للقائه، فكاتب السلطان مسعود أتابك زنكي واستماله، وكذلك فعل بأرتقش فأشارا على الراشد بالتوقف، وأقبل السلطان مسعود بجيوشه، فدخل بغداد في ذي القعدة، وقيل في ذي الحجة سنة ثلاثين وخمسمائة. فنهب دور الجند، ومنع من نهب البلد.
واستمال الرعية وأحضر القضاة والشهود فقدحوا في الراشد بأنه صدرت منه سيرة قبيحة من سفك الدماء المحرمة، وارتكاب المنكرات، وفعل ما لا يجوز فعله، وشهدوا عليه بذلك فحكم قاضي قضاة الممالك وهو ابن الكرخي، والعلم عند الله تعالى بخلعه، فخلعوه لأربع عشرة من ذي القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة.
وكان الراشد قد هرب هو وأتابك زنكي، إلى الموصل فطلبه السلطان مسعود، فهرب إلى فارس ثم دخل أصبهان، فحاصرها وتمرض هناك، فوثب عليه جماعة من الفداوية فقتلوه. وله إحدى وعشرون سنة وقيل ثلاثون سنة. وكانت خلافته إلى أن خلع منها سنة إلا أياما، وكان قتله في سنة اثتنين وثلاثين وخمسمائة وهو صائم، في اليوم السادس والعشرين من شهر رمضان، وقيل:
إنه كان قد سقي أيضا، ودفن في جامع حيي. وخلف بضعا وعشرين ولدا ذكرا، وخطب له بولاية العهد أكثر أيام أبيه، وكان شابا أبيض مليحا تام الشكل شديد البطش، شجاع النفس حسن السيرة شاعرا فصيحا جوادا كريما لم تطل دولته رحمة الله تعالى.
[خلافة أبي عبد الله محمد المقتفي لأمر الله]
ثم قام بالأمر بعده، عمه أبو عبد الله محمد بن المستظهر بن المقتدي. بويع له بالخلافة يوم خلع ابن أخيه. ولقب بالمقتفي لأمر الله، وسبب لقبه بهذا أنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، قبل خلافته بستة أشهر، وقيل بسنة، وهو يقول له: إنه سيصل إليك هذا الأمر فاقتف بي، وكان آدم اللون بوجهه أثر جدري، مليح الشيبة عظيم الهيبة، سيدا عالما فاضلا، دينا حليما شجاعا، فصيحا مهيبا خليقا للإمارة، كامل السودد عظيم المملكة بيده أزمة الأمور كان لا يجري في خلافته أمر، وإن صغر إلا بتوقيعه. وكانت أمه حبشية، كتب في أيام خلافته ثلاث ربعات.
وكانت وفاته بالخوانيق، في شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وهو ابن ست وستين سنة، وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وقيل: خمسا وعشرين سنة وقد جدد باب الكعبة، وعمل لنفسه من العقيق تابوتا دفن فيه. وقد رأيت فيما نقلته من خط صاحبنا الحافظ صلاح الدين خليل بن محمد الآقفهسي، فيما نقله من خط الصدر عبد الكريم، العلامة ابن العلامة علاء الدين القونوي أن القائم بالأمر بعد المقتفي المستظهر. كذا ذكره ولا أعلم من هذا المستظهر