بن عيينة، أنه قال: ليس شيء من الحيوان يخبأ قوته إلا الإنسان والنملة والفأرة والعقعق، وبه جزم في الإحياء في باب التوكل. وعن بعضهم قال: رأيت البلبل يحتكر. ويقال إن للعقعق مخابىء إلا أنه ينساها. وفي البخاري ومسلم عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «١» : «فقدت أمة من بني إسرائيل، ولا يدري ما فعلت، ولا أراها إلا الفأر ألا تراها إذا وضع لها لبن الإبل لم تشربه، وإذا وضع لها لبن الشاة شربته» . قال النووي وغيره: ومعنى هذا أن لحوم الإبل وألبانها، حرمت على بني إسرائيل دون لحوم الغنم وألبانها، فدل امتناع الفأرة من لبن الإبل، دون لبن الغنم، على أنها مسخ من بني إسرائيل.
[وأما فأرة البيش:]
وهو بكسر الباء الموحدة، وبالياء المثناة تحت وبالشين المعجمة في آخره وهو السم، فدويبة تشبه الفأرة، وليست بفأرة ولكن هكذا يسمى، وتكون في الغياض والرياض وهي تتخللها طلبا لمنابت السموم، فتأكلها فلا تضرها، وكثيرا ما تطلب البيش وهو سم قاتل كما تقدم هنا. وفي باب السين المهملة في لفظ السمندلي، قاله القزويني، في الأشكال.
[وأما ذات النطاق:]
فهي فأرة منطقة ببياض، وأعلاها أسود، شبهوها بالمرأة ذات النطاق، وهي التي تلبس قميصين ملونين وتشد وسطها، ثم ترسل الأعلى على الأسفل. قاله القزويني أيضا.
[وأما فأرة المسك:]
فهي غير مهموزة، لأنها من فار يفور، وهي النافجة كذا قاله الجوهري.
وفي التحرير، فارة المسك مهموزة كفأر الحيوان، ويجوز ترك الهمز كما في نظائره. وقال الجوهري وابن مكي: ليست مهموزة وهو شذوذ منهما. وقول الشاعر:
كأنّ بين فكّها والفك ... فارة مسك ذبحت في سك
مراده شقت، والذبح أصله الشق والقطع، والسك ضرب من الطيب يركب من مسك وغيره.
وقال الجاحظ: فارة المسك نوعان: النوع الأول دويبة تكون في بلاد التبت تصاد لنوافجها وسررها فإذا صيدت شدت بعصائب، وتبقى متدلية فيجتمع فيها دمها، فإذا أحكم ذلك ذبحت فإذا ماتت قورت السرة التي عصبت، ثم تدفن في الشعير حينا حتى يستحيل ذلك الدم المختنق هناك الجامد بعد موتها، مسكا ذكيا، بعد أن كان لا يرام نتنا. وما أكثر من يأكلها أي الفأرة عندنا! قلت: وتعجبه من كثرة آكليها يدل على استطابتها، والفقهاء لم يتعرضوا لهذا النوع. ثم قال: والنوع الثاني جرذان سود، تكون في البيوت، ليس عندها إلا تلك الرائحة اللازمة، وهذا النوع رائحته كرائحة المسك، إلا أنه لا يؤخذ منه المسك، وقد تقدم في باب الظاء المشالة في لفظ الظبي، ذكر المسك وحكمه. قلت: والمشهور أن فأرة المسك سرر الظباء كما تقدم.
[وأما فأرة الإبل]
فقال في الصحاح: هي أن تفوح منها ريح طيبة، وذلك إذا رعت العشب وزهره، ثم شربت وصدرت عن الماء نديت جلودها، ففاحت منها رائحة طيبة فيقال لتلك