البساط والوسادة وغيرهما، فلا يمتنع دخو الملائكة بسببه. وأشار القاضي إلى نحو ما قال الخطابي، قال النووي: والأظهر أنه عام في كل كلب وكل صورة، وأنهم يمتنعون من الجميع لإطلاق الأحاديث. ولأن الجرو الذي كان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت السرير، كان له فيه عذر ظاهر، فإنه لم يعلم به ومن هذا امتنع جبريل عليه السلام من دخول البيت بسببه، فلو كان العذر في وجود الكلب والصورة لا يمنعهم لم يمتنع جبريل عليه السلام.
قال الجاحظ: روي أن جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ذهبوا إلى بيت رجل من الأنصار ليعودوه في مرض، فهرت في وجوههم كلاب من دار الأنصاري، فقال الصحابة: لا تدع هؤلاء من أجر فلان شيئا، كل كلب من هؤلاء ينقص من أجره كل يوم قيراطا. فدل هذا على أن القيراط يتعدد بتعدد الكلاب، وقد سئل الشيخ الإمام تقي الدين السبكي عن ذلك فأجاب بأنه لا يتعدد كما لو ولغت الكلاب في الإناء، فإن الأصح عدم تعدد الغسلات، وقد قالوا بتعدد القيراط إذا صلى على جنائر دفعة واحدة.
وقال الغزالي في منكرات الشرع من الإحياء: من كان له كلب عقور على باب داره، يؤذي الناس يجب منعه منه، وإن كان لا يؤذي إلا بتنجيس الطريق وكان يمكن الاحتراز عن نجاسته لم يمنع منه، وإن كان يضيق الطريق ببسط ذراعيه فيمنع منه، بل يمنع صاحبه أن ينام على الطريق، أو يقعد قعودا يضيق الطريق، فكلبه أولى بالمنع. ولا يصح بيع جميع الكلاب عندنا، خلافا لمالك، فإنه أباح بيعها، حتى قال سحنون: ويحج بثمنها. وقال أبو حنيفة: يجوز بيع غير العقور.
والأصح عدم صحة إجارة الكلاب المعلمة، لأن اقتناءها لهذه المنافع إنما جوز لأجل الحاجة، وما جوز للحاجة لا يجوز أخذ العوض عليه، ولأنه لا قيمة لعينه، فكذلك منفعته. وقال صاحب التلخيص: لا تجوز لأنها منفعة مقصودة، واختاره الروياني وابن أبي عصرون، وبناهما الماوردي على اختلاف أصحابنا في أن منفعة الكلب، هل هي مملوكة أو مستباحة؟ وفيها وجهان: فعلى الأول يجوز إجارته، وعلى الثاني لا.
[ومن أحكامه]
: أن من كان في داره كلب عقور فاستدعى إنسانا فعقره وجب عليه ضمانه على الأصح في تصحيح النووي. وقيل: لا قطعا، وهو المجزوم به في أصل الروضة، لأن للكلب اختيارا، ويمكن دفعه بعصا وغيرها، هذا إذا لم يعلم الداخل أنه عقور، فإن علم ذلك فلا ضمان جزما، وكذلك لو كان مربوطا فسار إليه المستدعي جاهلا بحاله، فلا ضمان أيضا، ومن له كلب عقور ولم يحفظه فقتل إنسانا في ليل أو نهار، ضمنه لتفريطه. وفي معناه الهرة المملوكة التي تأكل الطيور كما سيأتي، إن شاء الله تعالى في باب الهاء. وقيل: لا ضمان فيها لأن العادة لم تجر بربطها.
[فرع]
: لو سرق قلادة من عنق كلب، أو سرقها مع الكلب، قطع وحرز الكلب كحرز الدواب. وإذا وقع في الغنيمة كلب ينتفع به للاصطياد، أو الماشية والزرع. حكى الإمام عن العراقيين أن للإمام أن يسلمه إلى واحد من المسلمين، لعلمه بحاجته إليه، ولا يحسب عليه، واعترض بأن الكلب منتفع به، فليكن حق اليد فيه لجميعهم كما لو مات وله كلب لا يستبد به بعض الورثة. الموجود في كتاب العراقيين، انه إن أراده بعض الغانمين أو أهل الخمس، ولم ينازعه