للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علمت رشدا؟ قال: إنك لن تستطيع معي صبرا يا موسى، إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت! وإنك على علم علمكه الله لا أعلمه. قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا. فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فقال: فرأيا سفينة فكلموهما أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول، فجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر نقرة أو نقرتين في البحر، فقال الخضر: يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم الله، إلا كنقرة هذا العصفور. وفي الرواية الأخرى إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر. وعمد الخضر إلى لوح من ألواح السفينة فنزعه فقال موسى: قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها! قال: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا؟ قال: لا تؤاخذني بما نسبت ولا ترهقني من أمري عسرا. فكانت الأولى من موسى نسيانا، فانطلقا فإذا غلام يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر برأسه من أعلاه فاقتلع رأسه بيده، فقال موسى: أقتلت نفسا زكية بغير حق لقد جئت شيئا نكرا. قال:

ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا؟ قال ابن عيينة: وهذا أوكد. فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه الخضر بيده، فقال موسى: لو شئت لا تخذت عليه أجرا، قال: هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا.

قال «١» النبي صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله أخي موسى لوددنا أن لو صبر حتى يقص الله علينا من أنبائهما» وفي الرواية الأخرى «يرحم الله موسى لو كان صبر، لقص علينا من أمرهما» . وعن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى ليس بموسى بني إسرائيل، إنما هو موسى آخر. قال: كذب عدو الله. حدثني أبي بن كعب، وذكر الحديث، وذكر قصة موسى والخضر بطولها، قال: وجاء عصفور حتى وقع على حرف السفينة، ثم نقر في البحر، فقال له الخضر: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر. قال العلماء: لفظ النقص ليس هنا على ظاهره، وإنما معناه إنما علمي وعلمك بالنسبة إلى علم الله كنسبة ما نقص هذا العصفور من هذا البحر. قلت: وهذا على التقريب للإفهام، وإلا فنسبة علمهما أقل وأحقر.

[وحكمه]

: حل الأكل، قال عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من إنسان يقتل عصفورة فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عنها» «٢» . قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال: «أن يذبحها فيأكلها، وأن لا يقطع رأسها فيرمي به» . رواه النسائي.

وروى الحاكم عن خالد بن معدان عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن قلب ابن آدم مثل العصفور يقلب في اليوم سبع مرات» . ومن أحكام العصافير أنها على اختلاف أنواعها جنس واحد في باب الربا، والبطوط جنس والكركي جنس والحبارى جنس والأوز جنس والدجاج جنس والحمام جنس، وتقدم في بابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>