فعل بأمها، فهي البحيرة بنت السابئة. والبحر الشق. قيل: ومنه سمي البحر بحرا لشقه الأرض، والبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة.
والسائبة الناقة التي سيبت، وذلك أن الرجل من أهل الجاهلية، إذا مرض أو غاب قريبه نذر فقال: إن شفاني الله أو شفى مريضي، أو رد غائبي، فناقتي هي سائبة ثم يسيبها كالبحيرة، فلا تحبس عن رعي ولا ماء، ولا يركبها أحد. وقال علقمة: هي العبد يسيب، أي لا ولاء عليه، ولا عقل ولا ميراث.
وقد قال صلى الله عليه وسلم:«إنما الولاء لمن أعتق»«١» . وقال سعيد بن المسيب: السائبة الناقة التي كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء، والبحيرة الناقة التي يمنع درها للطواغيت، فلا يحلبها أحد من الناس، وقيل: السائبة الناقة إذا ولدت اثنتي عشرة أنثى سيبت. والسائبة فاعلة بمعنى مفعولة كقولهم: ماء دافق أي مدفوق وعيشة راضية أي مرضية.
روى «٢» محمد بن اسحاق عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكثم بن الجون الخزاعي رضي الله تعالى عنه: «يا أكثم رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار، فما رأيت من رجل أشبه برجل منه به ولا بك منه، ولقد رأيته في النار يؤذي أهل النار بريح قصبه» . قال أكثم: أيضرني شبهه يا رسول الله؟ قال:«لا إنك مؤمن وهو كافر» .
وعمرو بن لحي هو أول من غير دين اسماعيل عليه الصلاة والسلام، ونصب الأوثان، وبحر البحيرة وسيب السوائب ووصل الوصيلة وحمى الحام.
والوصيلة من الغنم، كانت الشاة إذا ولدت ثلاثة بطون أو خمسة أو سبعة، فإن كان آخرها جديا ذبحوه لبيت الآلهة، وأكل منه الرجال والنساء، وإن كان عناقا استحيوها. فإن كان جديا وعناقا استحيوا الذكر من أجل الأنثى، وقالوا: هذه العناق وصلت أخاها فلم يذبحوه. وكان لبن الأنثى حراما على النساء، فإن مات منها شيء أكله الرجال والنساء جميعا.
والحام هو الفحل من الإبل، إذا لقح من صلبه عشرة أبطن، وقيل: إذا ضرب عشر سنين، وقيل: إذا ولد من ولد ولده، وقيل: إذا ركب من ولد ولده، قالوا: قد حمى ظهره، فلا يركب ولا يحمل عليه شيء، ولا يمنع من كلأ ولا ماء، فإذا مات أكله الرجال والنساء، فأعلم الله تعالى أنه لم يحرم من هذه الأشياء شيئا بقوله عز وجل: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ
«٣» وإنما هذه كلها من أفعال الجاهلية التي نهى الله عنها.
[النغر:]
بضم النون وفتح الغين المعجمة قال الجوهري: إنه طير كالعصافير، حمر المناقير.
والجمع نغران كصرد وصردان، قال الخطابي: أنشدني أبو عمرو فقال «٤» :