قال لمن يحضر مجلسه: تدرون أي شيء أراد هذا الأعمى بذكر هذه القصيدة وللمتنبي أجود منها ولم يذكره؟ قالوا: لا. قال: إنما أراد أن يذمني بقوله «١» فيها:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل
وسئل شيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد «٢» عن أبي العلاء المعري، فقال: هو في حيرة.
وهذا أحسن ما قيل فيه.
[فائدة أخرى]
: قال «٣» أبو نواس محمد بن هانىء في طريدته:
أتعب كلبا أهله في كده ... قد سعدت جدودهم بجده
فكلّ خير عندهم من عنده ... وكلّ رفد نالهم من رفده
يظلّ مولاه له كعبده ... يبيت أدنى صاحب من فهده
إذا عرى جلله ببرده ... ذا غرة محجلا بزنده
يلذّ منه العين حسن قده ... يا حسن شدقيه وطول خده
قيل: دخل أبو بكر الخالدي على الخليفة، فأنشده قصيدة امتدحه بها فأجازه، وكان بين يديه صحن يشم أزرق، فلمحه أبو بكر فأعطاه الخليفة إياه فخرج من عنده وهو مسرور، فمر على أبي الفتح بن خالويه فهناه أبو الفتح بذلك، فلما أصبح جاء إلى الخدمة، فقال له الخليفة: كيف حالك وكيف كان مبيتك؟ قال: بخير ودعا له، وقال: بتنا ندعوا لمولانا أمير المؤمنين، وبت أتفنن في الصحن وأتملى بحسنه، فأضفته إلى صدقات مولانا ورفده، وكل خير عندنا من عنده، فتنمر أمير المؤمنين، واستشاط غضبا وزجره، فخرج من عنده حزينا كئيبا، فمر على ابن خالويه فسأله عن السبب وما الخبر فأخبره بما قال، فقال له أبو الفتح: أو قلتها؟ فقال: نعم. فقال: أين أنت؟
أتجعل أمير المؤمنين كلبا أين ذهب عقلك؟ أو ما سمعت قول أبي نواس في طريدته:
فكلّ خير عندهم من عنده ... وكلّ رفد نالهم من رفده
فكاد الخالدي أن يموت فزعا ثم قال له: عرفني كيف المخلص؟ قال: تمارض مدة ثم أظهر أنك شفيت ثم تأتي أمير المؤمنين، فإذا سألك عن سبب مرضك، فقل له: طالعت طريدة أبي نواس، فلما فعل ذلك رضي عنه أمير المؤمنين.
[فائدة أخرى]
: اختلفوا في قوله «٤» تعالى: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً
أكثر أهل التفسير على أن كلب أهل الكهف كان من جنس الكلاب. وروى عن ابن جريج أنه قال: كان أسدا ويسمى الأسد كلبا لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا