: ذكر الحريري في الدرة، أن ليلى الأخيلية، وهي المذكورة في الشعر كانت تتكلم بلغة بهراء، وذلك أنهم يكسرون حرف المضارعة، فيقولون أنت تعلم، وأنها استأذنت على عبد الملك بن مروان وبحضرته الشعبي، فقال له: أتأذن لي يا أمير المؤمنين في أن أضحكك منها؟ فقال:
افعل. فلما استقر بها المجلس، قال لها الشعبي: يا ليلى ما بال قومك لا يكتنون؟ فقالت له: ويحك أما نكتني؟ بكسر حرف المضارعة، فقال لها: لا والله، لو فعلت لاغتسلت! فخجلت من ذلك، واستغرق عبد الملك في الضحك. وفي غير رواية ابن هشام، في أبيات هند بنت عتبة أم معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهم:
نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق
مشى القطا النواتق
كما ذكره الزبير بن بكار، وقاله السهيلي في الروض الأنف، والمراد بالطارق النجم تريد أن أبانا نجم في شرفه وعلوه، قال «١» الله تعالى: وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ
يعني النجم يطرق ليلا ويخفى نهارا. قال الثعلبي: أنشد أبو القاسم الحسن بن محمد المفسر، قال: أنشدني أبو الحسن الكازروني، قال «٢» : أنشدني ابن الرومي:
يا راقد الليل مسرورا بأوله ... إنّ الحوادث قد تطرقن أسحارا
لا تفرحن بليل طاب أوله ... فربّ آخر ليل أجج النارا
ثم فسره تعالى بأنه النجم الثاقب أي المضيء. قال أبو زيد: كانت العرب تسمي الثريا النجم الثاقب، وقيل: هو زحل سمي به لارتفاعه، وروى ابن الجوزي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: الطارق نجم في السماء السابعة، لا يسكنها غيره من النجوم، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء، هبط وكان معها، ثم رجع إلى مكانه من السماء السابعة، وهو زحل فهو طارق حين ينزل، وطارق حين يصعد، والنواتق الكثيرات الأولاد، كأنها ترمي بالأولاد رميا والنتق الرمي والنفض والحركة، والقطا نوعان: كدري وجوني، وزاد الجوهري نوعا ثالثا وهو الغطاط، فالكدري غبر اللون رقش البطون والظهور صفر الحلوق قصار الأذناب، وهي ألطف من الجونية، والجونية سود بطون الأجنحة والقوادم، وظهرها أغبر أرقط تعلوه صفرة، وهي أكبر من الكدري تعدل جونية بكدريتين، وإنما سميت الجونية لأنها لا تفصح بصوتها إذا صوتت، وإنما تغرغر بصوت في حلقها. والكدرية فصيحة تنادي باسمها. ولا تضع القطاة بيضها، إلا أفرادا، وفي طبعها أنها إذا أرادت الماء ارتفعت من أفاحيصها أسرابا لا متفرقة عند طلوع الفجر، فتقطع إلى حين طلوع الشمس مسيرة سبع مراحل، فحينئذ تقع على الماء، فتشرب نهلا، والنهل شرب الإبل والغنم أول مرة فإذا شربت، أقامت حول الماء متشاغلة، إلى مقدار ساعتين أو ثلاث ثم تعود إلى الماء ثانية، وهذا يبعد ما حكاه الواحدي المفسر في شرحه لديوان أبي الطيب المتنبي في قوله «٣» :
وإذا المكارم والصوارم والقنا ... وبنات أعوج كلّ شيء يجمع