للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل للأصمعي: هذا دعاء لها أم عليها؟ فقال: دعاء لها وذكر ما تقدم. والضبع إذا وطئت ظل الكلب في القمر، وهو على سطح وقع الكلب، فأكلته. وتوصف بالحمق، وذلك أن الصيادين لها، يقولون على باب وجارها كلمات، يصيدونها بها كما تقدم في الذبح. والجاحظ يرى هذا من خرافات العرب. وتلد من الذئب جروا ويسمى العسبار قال «١» الراجز:

يا ليت لي نعلين من جلد الضبع ... وشركا من ثفرها لا تنقطع

كلّ الحذاء يحتذى الحافي الوقع

الثفر للسباع وكل ذات مخلب بمنزلة الحياء من الناقة.

[وحكمها]

: حل الأكل، قال الشافعي رحمه الله تعالى: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع» «٢» . فما قويت أنيابه، فعدا بها على الحيوان طالبا غير مطلوب، يكون عداؤه بأنيابه علة تحريم أكله. والضبع لا يغتذي بالعدوى، وقد يعيش بغير أنيابه. وقد تقدم ذلك، في باب الهمزة، في لفظ الأسد وبحلها. قال الإمام أحمد واسحاق وأبو ثور وأصحاب الحديث. وقال مالك: يكره أكلها، والمكروه عنده ما أثم آكله، ولا يقطع بتحريمه. واحتج الشافعي بما روي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضبع. وبه قال ابن عباس وعطاء، وقال أبو حنيفة: الضبع حرام، وهو قول سعيد بن المسيب والثوري محتجين بأنه ذو ناب. وقد «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع» .

ودليلنا ما روى عبد الرحمن بن أبي عمار، قال: سألت جابر بن عبد الله عن الضبع أصيد هي؟ قال: نعم. قلت: أتؤكل؟ قال: نعم. قلت: أقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. أخرجه الترمذي وغيره، وقال حسن صحيح.

وقال جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الضبع صيد وجزاؤه كبش مسن ويؤكل» «٣» . رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وذكره ابن السكن أيضا، في صحاحه، قال الترمذي: سألت البخاري عنه، فقال: إنه حديث صحيح. وفي البيهقي عن عبد الله بن مغفل السلمي، قال:

قلت يا رسول الله ما تقول في الضبع؟ قال: «لا آكله ولا أنهي عنه» «٤» . قال: قلت ما لم تنه عنه فإني آكله. اسناده ضعيف. قال الشافعي: وما زال لحم الضبع يباع بين الصفا والمروة، من غير نكير. وأما ما ذكروه من حديث النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع، فإنه محمول على ما إذا كان يتقوى بنابه، بدليل أن الأرنب حلال وله ناب ولكنه ضعيف لا يعدو به.

[الأمثال]

: قالوا: «أحمق من ضبع» «٥» ، ومن الأمثال الشهيرة في ذلك، ما رواه البيهقي، في آخر شعب الايمان، عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، أنه سأل يونس بن حبيب عن المثل المشهور «٦»

<<  <  ج: ص:  >  >>