تعالى عنه:«كلا لا يعطيه لأضيبع من قريش ويدع أسدا من أسد الله» . وشذ الخطابي، فقال:
الأضيبع نوع من الطيور.
ومن أسماء الضبع جيل وجعار وحفصة، ومن كناها أم خنور وأم طريق وأم عامر وأم القبور وأم نوفل والذكر أبو عامر وأبو كلدة وأبو الهنبر. وقد تقدم في باب الهمزة أن الضبع تحيض كالأرنب، تقول: ضحكت الأرنب ضحكا، أي حاضت قال الشاعر:
وضحك الأرانب فوق الصفا ... كمثل دم الحرب يوم اللقا
يعني الحيض، فيما زعم بعضهم. وقال ابن الأعرابي في قول ابن أخت تأبط شرا «١» :
تضحك الضبع لقتلى هذيل ... وترى الذئب لها يستهل
أي إن الضبع، إذا أكلت لحوم الناس، أو شربت دماءهم، طمثت وقد أضحكها الدم. قال الشاعر:
وأضحكت الضباع سيوف سعد ... لقتلى ما دفن ولا ودينا
وكان ابن دريد يرد هذا، ويقول: من شاهد الضباع عند حيضها، حتى علم أنها تحيض؟ وإنما أراد الشاعر أنها تكشر لأكل اللحوم، وهذا سهو منه فجعل كشرها ضحكا. وقيل: معناه أنها تستبشر بالقتلى إذا أكلتهم فيهر بعضها على بعض فجعل هريرها ضحكا. وقيل: أراد أنها تسر بهم، فجعل السرور ضحكا، لأن الضحك إنما يكون منه كتسمية العنب خمرا، وتستهل الذئاب تصيح وتعوي، قاله ابن سيده.
ومن عجيب أمرها، أنها كالأرنب، تكون سنة ذكرا وسنة أنثى فتلقح في حال الذكورة، وتلد في حال الأنوثة، نقله الجاحظ والزمخشري في ربيع الأبرار، والقزويني في عجائب المخلوقات، وفي كتابه مفيد العلوم ومبيد الهموم، وابن الصلاح في رحلته عن ارسطالطاليس وغيرهم، قال القزويني: وفي العرب قوم يقال لهم الضبعيون، لو كان أحدهم في قفل فيه ألف نفس، وجاء الضبع لا يقصد أحدا سواه. والضبع توصف بالعرج وليست بعرجاء وإنما يتخيل ذلك للناظر، وسبب هذا التخيل لدونة في مفاصلها، وزيادة رطوبة في الجانب الأيمن على الأيسر منها. وهي مولعة بنبش القبور لكثرة شهوتها للحوم بني آدم، ومتى رأت إنسانا نائما حفرت تحت رأسه، وأخذت بحلقه فتقتله وتشرب دمه. وهي فاسقة لا يمر بها حيوان من نوعها إلا علاها.
وتضرب العرب بها المثل في الفساد، فإنها إذا وقعت في الغنم عاثت، ولم تكتف بما يكتفي به الذئب، فإذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت لأن كل واحد منها يمنع صاحبه. والعرب تقول في دعائها: اللهم ضبعا وذئبا أي اجمعهما في الغنم لتسلم. ومنه قول الشاعر:
تفرقت غنمي يوما فقلت لها: ... يا رب سلط عليها الذئب والضبعا