وأعطى الرائي حقه من ذلك، فمن رأى أنه اصطاد من البحر سمكا طريا حلوا بآلة، دل على الكسب الحلال، والسعي فيه واقتناء الرزق الحلال، والصيد للرجل دال على احتياله برأيه وجهده، فإن كان الرائي أعزب تزوج، وإن كان متزوجا رزق ولدا على قدر ما صاده في المنام.
وصيد المرأة يدل على مال تحرزه من زوجها أو أبيها. وصيد العبد دليل على ما يتناوله من مال سيده، وصيد الصغير دليل على ما يحفظه من علم أو صناعة أو مال يرثه من أبويه، فإن كانت آلة صيده شباكا أو خطاطيف أو ما يعمق في البحر، كان ذلك شدة ينالها الرائي وخطرا يرتكبه، فإن كانت آلة صيده خفيفة، وطلع فيها ما يطلع في غيرها من الآلات الثقال، دل على بسط الرزق وتسهيل الأمور، وإن طلع في الآلات الثقال ما يطلع في السهلة، دل على التعب والنصب وعلى اليسير من الرزق، فإن طلع له سمك كثير فإنه رزق مما دل عليه البحر. وسيأتي الكلام إن شاء الله تعالى فيما يدل عليه البحر، في باب الفاء في فرس البحر. فإن كان البحر مالحا نال فائدة أو علما من أعجمي أو مبتدع. فإن كان ما صاده له شوك وقشر كانت فضة محرزة أو ذهبا، فإن كان ليس له قشر دل على أعمال باطلة لا تتم وذلك لسرعة انصرافه من الأيدي وملوسته.
وإن كان للسمك سلاح كالشال والشلبا، دل على انتصاره على أعدائه، وربما صادق أهل الشرّ، فإن كان ممن يقدد فهي بضاعة لأرباب البضائع، وإن رأى سمك البحر الحلو ينتقل إلى البحر الملح، أو سمك الملح ينتقل إلى الحلو، دل على النفاق في الجيش واختلاف العامة فيما جرت به العوائد، من حدوث مظلمة، أو ظهور بدعة.
فإن رأى السمك طافيا على وجه الماء، دل على تسهيل الأمور وقرب البعيد وإظهار الأسرار وإخراج المخبآت، أو مال أصله من ميراث. فإن رأى عنده سمكا صغارا وكبارا، دل على الاهتمام بالأفراح والأحزان، أو ما يوجب الاجتماع بين الجيد والرديء.
فإن رأى عنده سمكا، مما يشبه خلق الآدمي أو الطير، دل على التعرف بالتجار المترددين في البر والبحر، أو التراجمة العارفين بالألسنة، أو المتخلقين بالأخلاق المرضية، ويعتبر ذلك بالشبه، فإن رأى عنده شيئا مما يأنس للإنسان أو يربى في البيوت كاللجأة والقرموط، وما أشبههما كان دليلا على الإحسان للأيتام والغرباء.
فإن رأى أنه أخذ السمك من قاع البحر، فإنه ربما طالت يده في صناعته وحصل له رزق طائل، أو تعرض لأموال السلاطين، أو صار لصا أو جاسوسا، فإن انكشف البحر وتناول سمكا أو جوهرا اطلع على علم من غيب الله تعالى، باطلاع الله تعالى له، واتضح له الدين واهتدى إلى السبيل، وكانت عاقبة أمره في ذلك عقبى حسنة. فإن عاد السمك منه إلى البحر صحب الأولياء واطلع منهم على ما لم يطلع عليه أحد، وإن نوى سفرا وجد رفقة يوافقونه ويرتفق بهم ويرجع إلى مكانه سالما غانما والله أعلم.
[السمندل:]
بفتح السين والميم وبعد النون الساكنة دال مهملة ولا في آخره وسماه الجوهري السندل بغير ميم، وابن خلكان السمند بغير لام. وهو طائر يأكل البيش، وهو نبت بأرض الصين يؤكل وهو أخضر بتلك البلاد، فإذا يبس كان قوتا لهم ولم يضرهم فإذا بعد عن الصين، ولو مائة