للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحتاج إليها، والآراء فقد شغلتني المصائب عنها، وأما لائح الأمر فإنه إن وقع الاتفاق فما عدمتم إلا شخصه الكريم. وإن كان غيره فالمصائب المستقبلة أهونها موته، وهو البلاء العظيم، والسلام. وكان رحمه الله مع سعة ملكه كثير التواضع، قريبا من الناس، رحيم القلب، كثير الاحتمال والمداراة يميل لأهل الفضل ويستحسن الأشعار الجيدة ويرددها في مجلسه وكان كثيرا ما ينشد قول محمد بن الحسين الحميري «١» :

وزارني طيف من أهوى على حذر ... من الوشاة وداعي الصبح قد هتفا «٢»

فكدت أوقظ من حولي به فرحا ... وكاد يهتك ستر الحب بي شغفا

ثم انتبهت وآمالي تخيل لي ... نيل المتى فاستحالت غبطتي أسفا

وكان رحمه الله كثيرا ما يتمثل بهذين البيتين وهما «٣» :

عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى ... وللمشتري دنياه بالدين أعجب

وأعجب من هذين من باع دينه ... بدنيا سواه فهو من ذين أخيب

وعمر رحمه الله ستا وخمسين سنة وشهورا.

[البطس:]

أنواع من السمك لها مرارات يكتب بها الكتب فإذا جففت قرئت في الظلام كما نقرأ بالنهار في ضوء الشمس ذكر ذلك صاحب المعطار.

[البعوض:]

دويبة. قال الجوهري: إنه البق الواحدة بعوضة وهو وهم والحق أنه صنفان، وهو يشبه القراد لكن أرجله خفيفة، ورطوبته ظاهرة ويسمى بالعراق والشأم الجرجس. قال الجوهري: وهو لغة في القرقس، وهو البعوض الصغار، والبعوض على خلقة الفيل إلا أنه أكثر أعضاء من الفيل فإن للفيل أربع أرجل وخرطوما وذنبا. وله مع هذه الأعضاء رجلان زائدتان، وأربعة أجنحة وخرطوم الفيل مصمت، وخرطومه مجوّف نافذ للجوف، فإذا طعن به جسد الإنسان استقى الدم وقذف به إلى جوفه فهو له كالبلعوم والحلقوم، ولذلك اشتد عضها وقويت على خرق الجلود الغلاظ قال الراجز:

مثل السّفاة دائما طنينها ... ركّب في خرطومها سكينها «٤»

ومما ألهمه الله تعالى إنه إذا جلس على عضو من أعضاء الإنسان، لا يزال يتوخى بخرطومه المسام التي يخرج منها العرق، لأنها أرق بشرة من جلدة الإنسان فإذا وجدها وضع خرطومه فيها، وفيه من الشره أن يمص الدم إلى أن ينشق ويموت أو إلى أن يعجز عن الطيران، فيكون ذلك سبب هلاكه. ومن عجيب أمره أنه ربما قتل البعير وغيره، من ذوات الأربع، فيبقى طريحا في

<<  <  ج: ص:  >  >>