للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعجل من أطايبها لشرب ... طعاما من قديد أو شواء

فأنت أبو عمارة المرجى ... لكشف الضرّ عنا والبلاء»

وبقية الحديث مشهورة، رواه البخاري ومسلم وأبو داود، وهو حجة على إباحة كل ما ذبحه غير المالك تعديا كالغاصب والسارق وهو قول جمهور العلماء.

وخالف في ذلك سحنون وداود وعكرمة فقالوا: لا يؤكل، وهو قول شاذ. وحجة الجمهور أن الزكاة وقعت من المتعدي على شروطها الخاصة، وتعلق بذمته قيمة الذبيحة فلا موجب للمنع.

وهذا الفعل إنما كان من حمزة رضي الله تعالى عنه قبل تحريم الخمر، لأنه قتل يوم أحد وكان تحريمها بعد ذلك فكان معذورا في قوله غير مؤاخذ به، وكان شربه الذي دعاه إليه مباحا كالنائم والمغمى عليه، فلما حرمت الخمر صار شاربها مؤاخذا بشربها محدودا فيها.

[الشاة:]

الواحدة من الغنم، تقع على الذكر والأنثى من الضأن والمعز، وأصلها شاهة، لأن تصغيرها شويهة، والجمع شياه بالهاء في أدنى العدد. تقول ثلاث شياء إلى العشر، فإذا جاوزت العشرة فبالتاء، فإذا كثرت قلت: هذه شاء كثيرة. والشاة أيضا الثور الوحشي والنسبة إلى الشاء شاوي قال الشاعر:

لا ينفع الشاوي فيها شاته ... ولا حماراه ولا غلاته

وفي الكامل لابن عدي في ترجمة خارجة بن عبد الله بن سليمان، عن عبد الرحمن بن عائذ قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له شاة ولا يصيب جاره من لبنها أو مسكين فليذبحها أو ليبعها» «١» . ومما تواتر من حكمة لقمان وهو لقمان بن عنقاء بن بيرون وكان نوبيا من أهل ايلة، أن سيده أعطاه شاة وأمره أن يذبحها، ويأتيه بأطيب ما فيها، فذبحها وأتاه بقلبها ولسانها. ثم أعطاه في يوم آخر شاة أخرى وأمره أن يذبحها ويأتيه بأخبث ما فيها فذبحها وأتاه بقلبها ولسانها. فسأله عن ذلك. فقال: هما أطيب ما فيها إن طابا، وأخبث ما فيها إن خبثا. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجسد مضغة إن صلحت صلح الجسد كله، وإن فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» «٢» . ويقال إن سيده دخل الخلاء يوما، فأطال الجلوس فناداه: لا تطل الجلوس على الخلاء، فإنه ينخع الكبد، ويورث البواسير، ويميت القلب.

ومن وصيته لابنه، واسمه ثاران، وقيل غير ذلك: يا بني كن على حذر من اللئيم إذا أكرمته، ومن الكريم إذا أهنته، ومن العاقل إذا هجوته، ومن الأحمق إذا مازحته، ومن الجاهل إذا صاحبته، ومن الفاجر إذا خاصمته، وتمام المعروف تعجيله. يا بني ثلاثة أشياء تحسن بالإنسان: حسن المحضر، واحتمال الإخوان، وقلة الملل للصديق. وأول الغضب جنون وآخره ندم. يا بني ثلاثة فيهم الرشد: مشاورة الناصح، ومداراة العدو والحاسد، والتحبب لكل أحد. يا بني المغرور من وثق بثلاثة أشياء: الذي يصدق ما لا يراه، ويركن إلى من لا يثق به،

<<  <  ج: ص:  >  >>