للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقدمها إلى الحيص بيص، فقال الحيص بيص للوزير: يا مولاي هذا الرجل يؤذيني، قال: كيف؟

قال: يشير إلى قول «١» الشاعر:

تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا ... ولو سلكت سبل المكارم ضلت

أرى الليل يجلوه النهار ولا أرى ... جلال المخازي عن تميم تجلّت

ولو أن برغوثا على ظهر قملة ... يكرّ على صفي تميم لولت

ولأبي الفضل نوادر منها: أنه قعد يوما يأكل مع زوجته طعاما فقال لها: اكشفي رأسك. ففعلت، فقرأ سورة الإخلاص، فقالت: ما الخبر؟ فقال: إذا كشفت المرأة رأسها لم تحضر الملائكة، وإذا قرئت سورة الإخلاص هربت الشياطين، وأنا أكره الزحمة على المائدة.

[فائدة]

: العرب تصف القطا بحسن المشي لتقارب خطاها، ومشيها يشبه مشي النساء الخفرات بمشيتهن. ومن أحسن ما رأيت في ذلك قول هند بنت عتبة يوم أحد في غير رواية ابن هشام:

نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق

مشي القطا النواتق

إلى آخر الرجز كما رواه الزبير بن بكار كما سبق. قال السهيلي، في الروض: يقال: إنهال تمثلت بهذا الرجز وإنه لهند بنت طارق بن فياض الأودية، قالته في حرب الفرس لإياد، فعلى هذا يكون إنشاده بنات طارق بالنصب على الاختصاص. كما قال:

نحن بني ضبة أصحاب الجمل.

وإن كانت أرادت النجم، فبنات مرفوع لأنه خبر مبتدأ، أي نحن شريفات رفيعات كالنجوم. قال: وهذا التأويل عندي بعيد لأن طارقا وصف للنجم لطروقه، فلو أرادته لقالت:

نحن بنات الطارق. إلا أني رأيت الزبير بن بكار قال، في كتاب أنساب قريش: حدثني يحيى بن عبد الملك الهرمزي، قال: جلست ليلة وراء الضحاك «٢» بن عثمان الجذامي، في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا متقنع، فذكر الضحاك وأصحابه قول هند يوم أحد نحن بنات طارق، ثم قالوا: ما طارق؟ فقلت: النجم فالتفت الضحاك وقال: يا أبا زكريا كيف ذلك؟ فقلت: قال الله تعالى: وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ، وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ، النَّجْمُ الثَّاقِبُ

«٣» كأنها قالت: نحن بنات النجم، فقال: أحسنت انتهى. ومرادها بالقطا النواتق الكثيرات الأولاد، قال الجوهري: نتقت المرأة إذا كثر ولدها، فهي ناتق ومنتاق. ومن هذا الحديث الذي رواه ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها، وأنتق أرحاما وأرضى باليسير» «٤» .

<<  <  ج: ص:  >  >>