للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المكي في قوت القلوب. وفي المستدرك عن أبي إمامة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«يبيت قوم من هذه الأمة على طعام وشراب ولهو فيصبحون وقد مسخوا خنازير، وليخسفن الله بقبائل منها ودور منها حتى يصبحوا، فيقولوا قد خسف لليلة بدار بني فلان، وليرسلن عليهم حجارة كما أرسلت على قوم لوط، وليرسلن عليهم الريح العقيم بشربهم الخمر وأكلهم الربا ولبسهم الحرير، واتخاذهم القينات وقطعهم الرحم» . ثم قال: صحيح الاسناد.

[الحكم:]

لا يجوز بيع الخنزير لما روى أبو داود من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل حرم الخمر وثمنها وحرم الميتة وثمنها وحرم الخنزير وثمنه» «١» . واختلفوا في جواز الانتفاع به فكرهت طائفة ذلك وممن منع منه ابن سيرين والحكم وحماد والشافعي وأحمد وإسحاق ورخص فيه الحسن والأوزاعي وأصحاب الرأي. وهو نجس العين كالكلب يغسل ما نجس بملاقاة شيء من أجزائه سبعا إحداهن بالتراب. ويحرم اكله لقوله «٢» تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ

والرجس النجس. قال الإمام العلامة أقضى القضاة الماوردي: الضمير في قوله تعالى فَإِنَّهُ رِجْسٌ

عائد على الخنزير لكونه أقرب مذكور ونظيره قوله «٣» تعالى: وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ

ونازعه الشيخ أبو حبان وقال: إنه عائد على اللحم لأنه إذا كان في الكلام مضاف ومضاف إليه، عاد الضمير على المضاف دون المضاف إليه، لأن المضاف هو المحدث عنه، والمضاف إليه وقع ذكره بطريق العرض وهو تعريف المضاف وتخصيصه. وقال شيخنا الأسنوي رحمه الله تعالى: وما ذكره الماوردي أولى من حيث المعنى، وذلك أن تحريم اللحم قد استفيد من قوله تعالى، أو لحم خنزير فلو عاد الضمير لزم خلو الكلام من فائدة التأسيس، فوجب عوده إلى الخنزير ليفيد تحريم اللحم والكبد والطحال وسائر أجزائه، وقال القرطبي، في تفسير سورة البقرة، لا خلاف أن جملة الخنزير محرمة، إلا الشعر فإنه يجوز الخرازة به. ونقل ابن المنذر الإجماع على نجاسته. وفي دعواه الإجماع نظر، لأن مالكا يخالف فيه، نعم هو أسوأ حالا من الكلب فإنه يستحب قتله ولا يجوز الانتفاع به في حالة، بخلاف الكلب. وقال شيخ الإسلام النووي رحمه الله: ليس لنا دليل على نجاسته بل مقتضى المذهب طهارته كالأسد والذئب والفأرة. وقد روي أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخرازة بشعره فقال: «لا بأس بذلك» «٤» رواه ابن خويز منداد. قال: ولأن الخزازة به كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، موجودة ظاهرة ولم يعلم أنه صلى الله عليه وسلم أنكرها، ولا أحد من الأئمة بعده. وقال الشيخ نصر المقدسي: لا يجوز المسح على خف خرز بشعره ولا الصلاة فيه وإن غسله سبعا إحداهن بالتراب، لأن التراب والماء لا يصلان إلى مواضيع الخرز المتنجسة قال الإمام النووي: وهذا الذي ذكره الشيخ أبو الفتح نصر هو المشهور. وقال القفال، في شرح التلخيص: سألت الشيخ أبا زيد عنه، فقال: الأمر إذا ضاق اتسع. ومراده أن بالناس ضرورة إليه، فتصح الصلاة فيه لذلك. وفي الشرح والروضة في أواخر كتاب الأطعمة قريب من ذلك. ولا يجوز اقتناء الخنزير سواء كان يعدو على الناس أو لم

<<  <  ج: ص:  >  >>