الأرض، لتقوم رطوبتها له مقام الماء، وهو يؤثر النسيم ويكره البحار أبدا، يتخذ جحره في نشز من الأرض، ثم يحفر بيته في مهب الرياح الأربع ويتخذ فيه كوى، وتسمى النافقاء والقاصعاء والراهطاء، فإذا طلب من إحدى هذه الكوى نافق أي خرج من النافقاء، وإن طلب من النافقاء خرج من القاصعاء، وظاهر بيته تراب وباطنه حفر، وكذلك المنافق ظاهره إيمان وباطنه كفر.
قال الجاحظ وغيره: واسم المنافق لم يكن في الجاهلية لمن أسر الكفر وأظهر الإيمان، ولكن الباري جل وعلا اشتق له هذا الاسم من هذا الأصل من نافقاء اليربوع، لأنه لما أبطن الكفر وأظهر الإيمان وورى بشيء عن شيء، ودخل في باب الخديعة، وأوهم الغير خلاف ما هو عليه، أشبه في ذلك فعل اليربوع انتهى.
وفي طبعه، أنه يطأ في الأرض اللينة، حتى لا يعرف أثر وطئه كما يفعل الأرنب، وهو يجتر ويبعر، وله كرش وأسنان وأضراس، في الفك الأعلى والأسفل، قال الجاحظ والقزويني: اليربوع من نوع الفأر. زاد القزويني: هو من الحيوان الذي له رئيس مطاع ينقاد إليه، وإذا كان فيها يكون من بينها في مكان مشرف، أو على صخرة ينظر إلى الطريق، من كل ناحية، فإن رأى ما يخافه عليها صر بأسنانه وصوت، فإذا سمعته انصرفت إلى أجحرتها، فإن قصر الرئيس حتى أدركها أحد وصاد منها شيئا، اجتمعت على الرئيس فقتلته وولت غيره. وهي إذا خرجت لطلب المعاش، خرج الرئيس أولا يتشوف، فإن لم ير شيئا يخافه، صر بأسنانه وصوت إليها فتخرج.
والواو والياء في اليربوع زائدتان، فكان ينبغي أن يكتب في باب الراء المهملة، لكنه قد يخفى على بعض الناس فكتب هنا.
[الحكم]
: يحل أكله لأن العرب تستطيبه وتحله، قال عطاء وأحمد وابن المنذر وأبو ثور وقال أبو حنيفة: لا يؤكل لأنه من الحشرات، دليلنا أن الصحابة رضي الله عنهم أوجبوا فيه جفرة إذا قتله أو أصابه المحرم، وأن الأصل الإباحة إلا ما خص بالتحريم.
[الأمثال]
: قالوا: «أضل من ولد اليربوع»«١» وقالوا: «كالمشتري القاصعاء باليربوع» يضرب للذي يدع العين ويتبع الأثر، لأن القاصعاء جحر اليربوع الذي يقصع فيه أي يدخل والجمع قواصع.
[الخواص]
: دم اليربوع يؤخذ فيطلى على الشعر الذي ينبت في الجفن، بعد أن ينتف يذهب بإذن الله تعالى.
[التعبير]
: اليربوع في الرؤيا يدل على رجل حلاف كذاب، فمن نازعه نازع إنسانا كذلك.
[اليرقان:]
هو دود يكون في الزرع ثم ينسلخ، فيكون فراشا، يقال: زرع ميروق قاله ابن سيده.