أصابكم، ولم يزل يرميها بالمنجنيق حتى هدمها. ورموها بكيزان النفط فاحترقت الستائر حتى صارت رمادا، وأن ابن الزبير قال لأمه: إني لا آمن إن قتلت أن يمثل بي وأصلب، فقالت له: يا ولدي إن الشاة، إذا ذبحت لم تتألم بالسلخ، فودعها وخرج من عندها. فحمل عليهم حتى ردهم على أعقابهم. فرمي بآجرة فأدمت وجهه فلما وجد سخونة الدم على وجهه أنشد قائلا:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما «١»
وصاحت مولاة لآل الزبير مجنونة، وكانت رأته حينها: وا أمير المؤمنيناه! وأشارت إليه. وقتل رضي الله تعالى عنه في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين. وجاء الخبر إلى الحجاج فسجد وجاء هو وطارق، فوقفا عليه فقال طارق: ما ولدت النساء اذكر من هذا فقال الحجاج: أتمدح من خالف طاعة أمير المؤمنين؟ قال: نعم هو أعذر لنا ولولا هذا ما كان لنا عذر، وإنا لمحاصروه وهو في غير حصن ولا منعة منذ ثمانية أشهر ينتصف منا، بل يفضل علينا كلما التقينا. فبلغ كلامهما عبد الملك، فصوب رأي طارق. ثم بعث الحجاج برأس ابن الزبير وجماعة إلى عبد الملك، فبعث عبد الملك برأس ابن الزبير إلى عبد الله بن حازم الأسلمي، وهو وال بخراسان من جهة ابن الزبير ودعاه إلى طاعته، على أن يجعل له خراسان طعمة سبع سنين فقال ابن حازم للرسول: لولا أن الرسل لا تقتل لأمرت بضرب عنقك، ولكن كل كتاب صاحبك فأكله. ثم أخذ الرأس فغسله وطيبه وكفنه ودفنه. وقيل: إنه بعث به إلى آل الزبير بالمدينة فدفنوه مع جثته بالمدينة. وماتت أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم بالمدينة بعده بخمسة أيام ولها مائة سنة.
وذكر الحافظ ابن عبد البر أن الكعبة رميت بالمنجنيق مرة أخرى، حين حصرها مسلم بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط، في أيام يزيد بن معاوية، في وقعة الحرة فمات يزيد ورجع مسلم إلى الشام.
[غريبة]
: قال محمد بن عبد الرحمن الهاشمي: دخلت على أمي، يوم عيد الأضحى، فرأيت عندها امرأة في أثواب دنسة، فقالت لي أمي: أتعرف هذه؟ قلت: لا. قالت: هذه عتابة أم جعفر بن يحيى البرمكي فسلمت عليها، وقلت لها: حدثيني ببعض أمركم، فقالت: أذكر لك جملة فيها عبرة لمن اعتبر، لقد هجم عليّ مثل هذا اليوم، يوم العيد، وعلى رأسي أربعمائة وصيفة وأنا أزعم أن ابني جعفرا عاق لي، وقد أتيتكم اليوم أسألكم جلدي شاتين، أجعل أحدهما شعارا والآخر دثارا. قال: فدفعت إليها خمسمائة درهم، ولم تزل تتردد إلينا حتى فرق الموت بيننا. وسيأتي إن شاء الله تعالى، ذكر قتل جعفر في باب العين المهملة في العقاب.
وفي سنن ابن ماجه وكامل بن عدي، في ترجمة أبي زر بن عبد الله، من حديث ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٢» : «الشاة من دواب الجنة» .
وفي الاستيعاب، للحافظ أبي عمر بن عبد البر، في ترجمة أبي رجاء العطاردي، أن العرب