للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي مسند الدارمي، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أنه قال: كونوا في الناس كالنحلة في الطير إنه ليس في الطير شيء إلا وهو يستضعفها، ولو تعلم الطير ما في أجوافها من البركة، ما فعلت ذلك بها. خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم.

فإن للمرء ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب.

وفيه «١» أيضا، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أنه سأل كعب الأحبار كيف تجد نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؟ فقال كعب: نجده محمد بن عبد الله، يولد بمكة ويهاجر إلى طيبة، ويكون ملكه بالشام، ليس بفحاش ولا صخاب في الأسواق، ولا يكافىء بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون، يحمدون الله في كل سراء وضراء يوضئون أطرافهم ويأتزرون في أوساطهم يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم، دويهم في مساجدهم كدوي النحل، يسمع مناديهم في جو السماء.

[غريبة]

: ذكر ابن خلكان، في ترجمة «٢» عبد المؤمن بن علي ملك الغرب، أن أباه كان يعمل الطين فخارا، وأنه كان في صغره نائما في دار أبيه، وأبوه يعمل في الطين، فسمع أبوه دويا في السماء، فرفع رأسه فرأى سحابة سوداء من النحل قد هوت مطبقة على الدار، فاجتمعت كلها على ولده وهو نائم، فغطته وأقامت عليه مدة، ثم ارتفعت عنه وما تألم منها. وكان بالقرب منهم رجل يعرف الزجر فأخبره أبوه بذلك، فقال: يوشك أن يجتمع على ولدك جميع أهل المغرب، فكان كذلك.

وكان من أمر ولده ما اشتهر من ملك المغرب الأعلى والأدنى، ومات عبد المؤمن في جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وقد تقدمت الإشارة إلى ذكر موته، في باب الجيم، في الجفرة.

وجمهور الناس على أن العسل يخرج من أفواه النحل، وروي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: تحقيرا للدنيا أشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة، وأشرف شرابه فيها رجيع نحلة.

وظاهر هذا أنه من غير الفم، كذا نقله عنه ابن عطية.

والمعروف عنه أنه قال: إنما الدنيا ستة أشياء: مطعوم ومشروب وملبوس ومركوب ومنكوح ومشموم، فأشرف المطعوم العسل، وهو مذقة ذباب، وأشرف المشروب الماء، ويستوي فيه البر والفاجر، وأشرف الملبوس الحرير، وهو نسج دودة، وأشرف المركوب الفرس، وعليه تقتل الرجال، وأشرف المشموم المسك، وهو دم حيوان، وأشرف المنكوح المرأة، وهو مبال في مبال. والمحقق أن العسل يخرج من بطونها، لكن لا يدري أمن فمها أو من غيره، لكن لا يتم صلاحه إلا بحمي أنفاسها. فقد صنع ارسطاطالبس بيتا من زجاج لينظر إلى كيفية ما تصنع فأبت أن تعمل حتى لطخته من باطن الزجاج بالطين كذا قاله الغزنوي وغيره.

وروينا في تفسير الكواشي الأوسط، أن العسل ينزل من السماء فيثبت في أماكن من الأرض فيأتي النحل فيشربه، ثم يأتي الخلية، فيلقيه في الشمع المهيأ للعسل في الخلية، لا كما يتوهمه بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>