قال النحاس: معنى أقامهن، عمل بهن ولم يخالف ما فيهن، كما يقال: فلان يقوم بعمله.
وروى البيهقي من حديث أنس رضي الله تعالى عنه مرفوعا، لما خلق الله جنة عدن وغرس أشجارها بيده قال لها: تكلمي، فقالت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ
«١» .
وروى «٢» ابن ماجه، عن أبي بشر بكر بن خلف قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن موسى بن أبي عيسى الطحان، عن عون بن عبد الله، عن أبيه أو عن أخيه عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد، ينعطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل، تذكر بصاحبها. أما يحب أحدكم أن يكون له أو لا يزال له من يذكر به» ؟ ورواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. والدوي صوت ليس بالعالي.
وفي حديث الإيمان: يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقوله.
وفي المستدرك عن أبي سبرة الهذلي، قال: قال عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما فحدثني حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهمته وكتبته بيدي: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما حدث به عبد الله بن عمرو عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش، ولا سوء الجوار ولا قطيعة الرحم» . ثم قال «٣» صلى الله عليه وسلم: «إنما مثل المؤمن كمثل النحلة، وقعت فأكلت طيبا، ثم سقطت ولم تفسد ولم تكسر، ومثل المؤمن كمثل القطعة الذهب الأحمر، أدخلت النار فنفخ عليها فلم تتغير ووزنت فلم تنقص. فذلك مثل المؤمن» . ثم قال: صحيح الإسناد.
وفي المعجم الأوسط للطبراني بإسناد حسن، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل بلال كمثل النحلة، غدت تأكل من الحلو والمر ثم هو حلو كله» .
وروى الإمام أحمد وابن أبي شيبة والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«المؤمن كالنحلة تأكل طيبا وتضع طيبا، وقعت فلم تكسر ولم تفسد» . وفي شعب البيهقي، عن مجاهد، قال: صاحبت عمر رضي الله تعالى عنه من مكة إلى المدينة فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث: «إن مثل المؤمن كمثل النحلة إن صاحبته نفعك، وإن شاورته نفعك، وإن جالسته نفعك وكل شأنه منافع، وكذلك النحلة كل شأنها منافع» . قال ابن الأثير: وجه المشابهة بين المؤمن والنحلة، حذق النحل وفطنته، وقلة أذاه وخفارته ومنفعته، وقنوعه وسعيه في النهار، وتنزهه عن الأقذار، وطيب أكله، فإنه لا يأكل من كسب غيره، ونحوله وطاعته لأميره.
وإن للنحل آفات تقطعه عن عمله، منها: الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار، وكذلك المؤمن له آفات تفتر به عن علمه منها: ظلمة الغفلة، وغيم الشك، وريح الفتنة، ودخان الحرام، وماء السعة، ونار الهوى انتهى.