توفي في ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وكانت خلافته سبع عشرة سنة وتسعة أشهر.
وعمره ثمان وسبعون سنة وكان مربوعا أشقر كبير الأنف شديد القوة في خلقه حدة، كريما شجاعا بطلا جوادا سمحا إلا أن يده كانت قصيرة مع ملوك بني بويه رحمة الله تعالى عليه.
[خلافة أبي العباس أحمد القادر بالله بن إسحاق]
ثم قام بالأمر بعده، أبو العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر بن المعتضد. بويع له بالخلافة ليلة خلع الطائع لله وعمره يومئذ أربع وأربعون سنة. وكان كثير البرّ والصدقات، مريدا للفقراء مؤثرا للتبرك بهم، لكنه كان مقهورا على أمره. وتوفي في ذي القعدة، ويقال في ليلة الأضحى، ويقال ليلة الحادي عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين واربعمائة، وهو ابن ست وثمانين سنة وكانت خلافته إحدى وأربعين سنة وشهورا قيل: هي ثلاثة، وقيل إنه كان ابن سبع وثمانين سنة.
وكان أبيض طويل اللحية. كبيرها يخضبها لشيبه. وكان دائم التهجد كثير الصدقات من الديانة على عفة اشتهرت عليه. له مصنف في السنة وذم المعتزلة والروافض. وكان يقرإ القرآن في كل جمعة مرة ويحضره الناس.
[خلافة أبي جعفر عبد الله القائم بأمر الله بن القادر بالله]
ثم قام بالأمر بعده، ابنه أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله بن القادر. بويع له بالخلافة يوم موت والده. وفي أيامه كان ابتداء دولة السلاطين السلجوقية، وانقراض دولة بني بويه، وكانت مدة ملكهم مائة وسبعا وعشرين سنة، وذلك في سنة ثلاثين وأربعمائة. ذكر ذلك ابن البطريق في تاريخه في حوادث سنة ست وأربعين.
وكان القائم بأمر الله أبيض اللون مليح الوجه مشربا بحمرة، ورعا زاهدا عابدا، مريدا لقضاء حوائج المسلمين موقرا لأهل العلم، معتقدا في الفقراء والصالحين، حسن الطوية. ولم يقم أحد في الخلافة قدر إقامته، وكان كثير الصدقة، له فضل وعلم، من خيار الخلفاء لا سيما بعد عوده للخلافة، في نوبة البساسيري فإنه صار يكثر الصيام والتهجد. وما كان ينام إلا على سجادة وما تجرد من ثيابه لنوم قط. وتوفي القائم بأمر الله في سنة سبع وتسعين وأربعمائة لعشر ليال مضت من شعبان، وكانت خلافته أربعا وأربعين سنة وثمانية أشهر وقيل تسعة أشهر وقيل خمسا وأربعين سنة وأمه أرمنية رحمه الله تعالى.
[خلافة أبي القاسم المقتدي بأمر الله بن محمد بن القائم]
ثم قام بالأمر بعده ولد ولده أبو القاسم عبد الله المقتدي بأمر الله بن محمد بن القائم بأمر الله. بويع له بالخلافة يوم وفاة جده القائم بأمر الله، في ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة. وذلك أن جده كان لما مرض افتصد، فانفجر فصاده، وخرج منه دم عظيم، فخارت قوته وعجر. فطلب ابن ابنه وعهد إليه بالأمر ولقبه المقتدي بأمر الله بمحضر من الأئمة والعلماء،