للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أني قدرت على قيام ... بفرضك والحقوق الواجبات

ملأت الأرض من نظم القوافي ... ونحت بها خلاف النائحات

ولكني أصبر عنك نفسي ... مخافة أن أعد من الجناة

ومالك تربة فأقول تسقى ... لأنك نصب هطل الهاطلات

عليك تحية الرحمن تترى ... برحمات غواد رائحات

وتوفي الملك عضد الدولة بن بويه في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، وهو ابن تسع وأربعين سنة وأحد عشر شهرا أو كان له ملك العراق وكرمان وعمان وخوزستان والموصل وديار بكر وحران ومنيج. وكانت مدة ملكه ببغداد خمس سنين. وكان ملكا فاضلا، جليلا عظيما، مهيبا صارما، كريما شجاعا بطلا ذكيا، وله في الذكاء أخبار عجيبة ونكت غريبة، ليس هذا موضع ذكره. وهو أول من تسمى بملك في الإسلام. ولما احتضر جعل يقول: ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ

«١» ويرددها حتى مات، ولما مات كتم موته ودفن بدار المملكة ببغداد. ثم ظهر موته وأخرج من قبره، وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فدفن به.

وكان عضد الدولة قد بنى المشهد قبل موته، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في باب الفاء في لفظ الفهد. ومما يحكى أن عضد «٢» الدولة خرج يوما إلى بستان له متنزها فقال: ما أطيب يومنا هذا لو ساعدنا فيه الغيث فجاء المطر في الوقت فقال «٣» :

ليس شرب الراح إلا في المطر ... وغناء من جوار في السّجر

ناعمات سالبات للنهى ... ناغمات في تضاعيف الوتر «٤»

مبرزات الكأس من مطلعها ... ساقيات الراح من فاق البشر

عضد الدولة وابن ركنها ... ملك الأملاك غلاب القدر «٥»

سهل الله له بغيته ... في ملوك الأرض ما دار القمر

وأراه الخير في أولاده ... ليساس الملك منهم بالغرر

فلم يفلح بعد هذه الأبيات وعوجل بقوله غلاب القدر، ولما مات عضد الدولة قام بتدبير المملكة بعده ولده بهاء الدولة فخلع عليه الطائع لله وقلده ما كان بيد أبيه.

ثم إن بهاء الدولة أمسك الطائع لله واعتقله، ونهب دار الخلافة ثم أشهد على الطائع بخلع نفسه من الخلافة. وذلك في شهر شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة وأقام مخلوعا معتقلا إلى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>