نفسه، من الخلافة وعمره سبع وأربعون سنة، ولم يل الخلافة من بني العباس من هو أكبر سنا. قال صاحب رأس مال النديم: إنه لم يتقلد الخلافة من أبوه حي، سوء الطائع لله والصدّيق رضي الله تعالى عنه، وكلاهما إسمه أبو بكر. وهو السادس، فخلع كما سيأتي إن شاء الله تعالى وذلك إذا لم يعد ابن المعتز وإن عد فالمطيع هو السادس، وقد خلع نفسه لما حصل له من الفالج، ولما ولي، أعني الطائع خلع على سبكتكين التركي، وولاه ما وراء بابه.
وفي أيام الطائع استولى الملك عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه، على بغداد وملكها، فخلع عليه الطائع لله الخلع السلطانية، وتوجه وطوقه وسوره. وعقد له لواءين، وولاه ما وراء بابه.
وتسلم عضد الدولة الوزير أبا طاهر بن بقية «١» وزير عز الدولة وصلبه، فرثاه أبو الحسن بن الأنباري «٢» بمرثيه لم يسمع في مصلوب مثلها فلنأت بها وهي هذه «٣» :
علو في الحياة وفي الممات ... لحق أنت إحدى المعجزات
كأن الناس حولك إذ أقاموا ... وفود نداك أيام الصّلات «٤»
كانك قائم فيهم خطيبا ... وكلهم قيام للصلاة
مددت يديك نحوهم احتفاء ... كمدكها إليهم بالهبات «٥»
ولما ضاق بطن الأرض عن أن ... يضم علاك من بعد الممات
أصاروا الجو قبرك واسعاضوا ... عن الأكفان ثوب السافيات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى ... بحراس وحفاظ ثقات «٦»
وتوقد حولك النيران قدما ... كذلك كنت أيام الحياة «٧»
ركبت مطية من قبل زيد ... علاها في السنين الماضيات
وتلك قضية فيها تأس ... تباعد عنك تعيير العداة «٨»
ولم أر قبل جذعك قط جذعا ... تمكن من عناق المكرمات
أسأت إلى النوائب فاشتثارت ... فأنت قتيل ثأر النائبات
وكنت تجيرنا من صرف دهر ... فعاد مطالبا لك بالترات «٩»
وصير دهرك الإحسان فيه ... إلينا من عظيم السيئات
وكنت لمعشر سعدا فلما ... مضيت تفرقوا بالمنحسات
غليل باطن لك في فؤادي ... حقيق بالدموع الجاريات «١٠»