للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال «١» : احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة عن صلاة الصبح، حتى كدنا نتراءى عين الشمس، فخرج سريعا فثوب بالصلاة، فصلى وتجوز في صلاته، فلما سلم دعا بصوته فقال لنا: «على مصافكم كما أنتم» . ثم انفتل إلينا فقال: «أما اني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة، إني قمت من الليل فتوضأت وصليت ما قدر لي، فنعست في صلاتي حتى استثقلت، فإذا أنا بربي تعالى في أحسن صورة، فقال: يا محمد. فقلت: لبيك ربي. قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: رب لا أدري. قال تعالى: «في الكفارات والدرجات» . وفي رواية «قلت: في الكفارات والدرجات» . قال: فما هن؟ قلت: مشي الأقدام إلى الجماعات، والجلوس في المساجد بعد الصلوات، وإسباغ الوضوء على المكروهات. قال: ثم فيم؟ قلت: في اطعام الطعام، ولين الكلام، والصلاة بالليل، والناس نيام. قال: سل. قلت: اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون، أسألك حبك وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربني إلى حبك» .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها حق فادرسوها ثم تعلموها» . قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

[النعام:]

معروف، يذكر ويؤنث، وهو اسم جنس مثل حمام وحمامة، وجراد وجرادة، وتجمع النعامة على نعامات. ويقال لها أم البيض وأم ثلاثين، وجماعتها بنات الهيق، والظليم ذكرها. قال الجاحظ: والفرس يسمونها اشتر مرغ، وتأويله بعير وطائر. قال «٢» الشاعر:

ومثل نعامة تدعى بعيرا ... تعاصينا إذا ما قيل طيري

فإن قيل احملي قالت: فإني ... من الطير المرفّه في الوكور

قال: ويقال لقدم البعير خف، والجمع خفاف ومنسم والجمع مناسم. وكذلك يقال في النعامة ويقال لأنثى النعام قلوص، كما يقال ذلك في الإبل، وإنما قالوا ذلك لما رأوا فيها من شبه الإبل.

قال: وتزعم الأعراب، أن النعامة ذهبت تطلب قرنين، فقطعوا أذنيها، فلذلك سميت بالظليم انتهى. وكأنهم إنما سموها ظليما لأنهم ظلموها، حين قطعوا أذنيها ولم يعطوها ما طلبت، وهذا بناء على اعتقادهم الفاسد.

والنعامة صمعاء، يقال: خرج السهم متصمعا إذا ابتلت قذذه من الدم. ويقال: أتانا بثريدة متصمعة إذا دققها وحدد رأسها، وصومعة الراهب منه، لأنها دقيقة من أعلى الرأس، ورجل أصمع القلب إذا كان حديدا ماضيا، ويقال للرجل أيضا إذا كان قصير الأذنين لاصقتين بالرأس أصمع، والمرأة صمعاء وبنو أصمع قبيلة من العرب منهم الأصمعي، واسمه عبد الملك بن قريب، وهو صاحب لغة ونحو وشعر ونوادر. فمن نوادره أنه قال: مررت في بعض سكك الكوفة، فإذا برجل قد خرج من حش على كتفه جرة وهو يقول:

وأكرم نفسي أنني إن أهنتها ... وحقّك لم تكرم على أحد بعدي

فقلت له: أتكرمها بمثل هذا؟ قال: نعم واستغني عن سفلة مثلك، إذا سألته قال: صنع الله بك

<<  <  ج: ص:  >  >>