للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خلافة عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما وهو السادس فخلع وقتل كما سيأتي]

قد تقدم، أن معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، خلع نفسه من الخلافة، فكيف يكون ابن الزبير رضي الله عنهما سادسا؟ وسبق قبل ذلك أن الحسن رضى الله عنه خلع من الخلافة أيضا. فعلى هذا الحال لا يستقيم أن يكون ابن الزبير رضي الله عنهما سادسا، وبويع له يعني ابن الزبير رضي الله عنهما، بالخلافة بمكة لسبع بقين من رجب سنة أربع وستين في أيام يزيد بن معاوية كما تقدم، وبايعه أهل العراق وأهل مصر وبعض أهل الشام، إلى أن بايعوا المروان بعد حروب، واستمر له العراق إلى سنة إحدى وسبعين، وهي التي قتل فيها عبد الملك بن مروان أخاه مصعب بن الزبير، وهدم قصر الإمارة بالكوفة. سبب هدمه أنه جلس ووضع رأس مصعب بين يديه، فقال له عبد الملك بن عمير: يا أمير المؤمنين، جلست أنا وعبيد الله بن زياد في هذا المجلس، ورأس الحسين بين يديه، ثم جلست أنا والمختار بن أبي عبيد فإذا رأس عبيد الله بن زياد بيت يديه، ثم جلست أنا ومصعب هذا فإذا رأس المختار بين يديه، ثم جلست مع أمير المؤمنين فإذا رأس مصعب بين يديه. وإني أعيذ أمير المؤمنين بالله من شر هذا المجلس، فارتعد عبد الملك، وقام من فوره، وأمر بهدم القصر.

وكان مصعب شجاعا جوادا حسن الوجه، كالقمر ليلة البدر، رحمه الله تعالى. ولما قتل مصعب انهزم أصحابه، فاستدعى بهم عبد الملك بن مروان، فبايعوه وسار إلى الكوفة ودخلها، واستقر له الأمر بالعراق والشام ومصر. ثم جهز الحجاج سنة ثلاث وسبعين، إلى عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، فحصره بمكة ورمى البيت بالمنجنيق، ثم ظفر به فقتله، واحتز الحجاج رأسه وصلبه منكسا. ثم أنزله ودفنه في مقابر اليهود، وقيل إن الحجاج قال: لا أنزله حتى تتشفع فيه أمه أسماء، فتم على تلك الحال مدة، فمرت به أمه يوما فقالت: أما آن لهذا الفارس أن يترجل! فبلغ الحجاج ذلك، فأمر بإنزاله، وأن يعطى لأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم، فاخذته ودفنته. وسيأتي ذكر قتله أيضا في باب الشين المعجمة في لفظ الشاة. وكانت خلافته رضي الله تعالى عنه بالحجاز والعراق تسع سنين واثنين وعشرين يوما قتل رضي الله تعالى عنه وله من العمر ثلاث وسبعون سنة وقيل اثنتان وسبعون سنة.

[خلافة الوليد بن عبد الملك]

ثم قام بالأمر بعد عبد الملك بن مروان ابنه الوليد. فإنه كان ولي عهده، وكان دميما سائل الأنف، يختال في مشيته، قليل العلم. وكان يختم القرآن في ثلاث ليال، قال إبراهيم بن أبي عبلة: كان يختم في رمضان سبع عشرة مرة، وكان يعطيني أكياس الدراهم، أقسمها في الصالحين وعن الوليد قال: لولا أن الله عزّ وجلّ ذكر اللواط في كتابه ما ظننت أن أحدا يفعله.

بويع له بالخلافة يوم توفي والده، ولم يدخل المنزل، حتى صعد المنبر فقال: الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون، والله المستعان على مصيبتنا بأمير المؤمنين، والحمد لله على ما أنعم به علينا من الخلافة، قوموا فبايعوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>