للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناف بن قصي، وينسب إلى أمية بن عبد شمس، فيقال: الأموي. وخرج عليه مرة بن نوفل الأشجعي الحروري وورد الكوفة، وهو أول الخوارج، فكتب معاوية إلى أهل الكوفة ألا لا ذمة لكم عندي حتى تكفوني أمره فقاتلوه وقتلوه. وهو أول من اتخذ المقاصير وأقام الحرسي والحجاب. وأول من مشى بين يديه صاحب الشرطة بالحربة، وأول من تنعم في مأكله وملبسه ومشربه. وكان رضي الله عنه حليما، وله في الحلم أخبار كثيرة، ولما حضرته الوفاة جمع أهله فقال: ألتسم أهلي؟ قلوا بلى فداك الله بنا. فقال: وعليكم حزني ولكم كدي وكسبي، قالوا:

بلى، فداك الله بنا، قال فهذه نفسي قد خرجت من قدمي، فردوها علي إن استطعتم، فبكوا وقالوا ما لنا إلى هذا من سبيل. فرفع صوته بالبكاء، ثم قال: فمن تغره الدنيا بعدي؟ وذكر غير واحد أنه لما ثقل في الضعف وتحدث الناس أنه الموت، قال لأهله: احشوا عيني اثمدا واسبغوا رأسي دهنا ففعلوا، وبرقوا وجهه بالدهن ثم مهدوا له مجلسا وأسندوه، وأذنوا للناس فدخلوا وسلموا عليه قياما، فلما خرجوا من عنده أنشد قائلا:

وتجلدي للشامتين أريهم ... أني لريب الدهر لا أتضعضع «١»

فسمعه رجل من العلويين فأجابه:

وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع «٢»

ثم أنه أوصى أن تدق قلامة أظفار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتجعل من منافذ وجهه، وأن يكفن بثوب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتوفي في دمشق في نصف رجب وقيل في مستهل رجب سنة ستين.

وصلى عليه الضحاك الفهري لغيبة ابنه يزيد ببيت المقدس. واخلف في عمره فقيل ثمانون وقيل خمس وسبعون سنة وقيل خمس وثمانون سنة وقيل ثمان وثمانون سنة وقيل تسعون. وكانت خلافتة منذ خلص له الأمر تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيام. وكان أميرا وخليفة أربعين سنة. منها أربع سنين في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه والله تعالى أعلم.

[خلافة يزيد بن معاوية]

ثو قام بالأمر بعده إبنه يزيد. بويع له بالخلافة يوم مات أبوه، وذلك أن أباه كان قد جعله ولي العهد من بعده وكان بحمص، فقدم منها وبادر إلى قبر أبيه، ثم دخل دمشق إلى الخضراء، وكانت دار السلطنة فخطب الناس بها وبايعوه بالخلافة. وكتب إلى الأقاليم بذلك فبايعوه، ولم يبايعه الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما ولا عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه، واختفيا من عامله، الوليد بن عقبة بن أبي سفيان. وأقاما مصرين على الامتناع إلى أن قتل الحسين رضي الله تعالى عنه بكربلاء، وكان الذي باشر قتله الشمر بن ذي الجوشن، وقيل سنان بن أنس النخعي وقيل أن الشمر ضربه على وجهه، وأدركه سنان فطعنه فألقاه عن فرسه، ونزل خولي بن يزيد

<<  <  ج: ص:  >  >>