للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فائدة:]

لما حان لموسى والخضر أن يتفرقا قال له الخضر عليه السلام: لو صبرت لأتيت على ألف عجب كل عجب أعجب مما رأيت! فبكى موسى عليه السلام على فراقه ثم قال موسى للخضر عليهما السلام: أوصني يا نبي الله فقال له الخضر: يا موسى اجعل همك في معادك، ولا تخض فيما لا يعنيك، ولا تترك الخوف في أمنك، ولا تيأس من الأمن في خوفك، وتدبير الأمور في علانيتك، ولا تذر الإحسان في قدرتك. فقال له موسى: يا نبي الله، فقال له الخضر: يا موسى إياك واللجاجة، ولا تمش في غير حاجة، ولا تضحك من غير عجب، ولا تعير أحدا من الخطائين بخطاياهم بعد الندم، وابك على خطيئتك يا ابن عمران. فقال له موسى عليه السلام: قد أبلغت في الوصية فأتم الله عليك نعمته، وعمرك في طاعته، وكلأك من عدوه. فقال الخضر عليه السلام: وأوصني أنت، فقال له موسى: إياك والغضب إلا في الله، ولا ترض عن أحد إلا في الله، ولا تحب الدنيا ولا تبغض لدنيا، فإن ذلك يخرج من الإيمان ويدخل في الكفر، فقال له الخضر: لقد أبلغت في الوصية فأعانك الله على طاعته، وأراك السرور في أمرك، وحببك إلى خلقه، وأوسع عليك من فضله، فقال موسى عليه السلام: آمين. رواه السهيلي. وقال البغوي:

روي أن موسى لما أراد أن يفارق الخضر عليه السلام، قال له: أوصني، قال له: يا موسى لا تطلب العلم لتحدث به، واطلبه لتعمل به.

[تتمة:]

في كتاب الهواتف، لأبي بكر بن أبي الدنيا أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، لقي الخضر عليه السلام وعلمه هذا الدعاء، وذكر فيه ثوابا عظيما ورحمة، لمن قاله في دبر كل صلاة وهو: يا من لا يشغله سمع عن سمع، ويا من لا تعطله المسائل، ويا من لا يبرمه إلحاح الملحين، أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك. وذكر في كتابه أيضا عن عمر رضي الله تعالى عنه، في هذا الدعاء بعينه، نحو ما ذكر عن علي رضي الله عنه في سماعه من الخضر عليه السلام.

[عجيبة:]

روى الإمام الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في كتابه المتفق والمفترق في ترجمة أسامة بن زيد التنوخي أنه ولي مصر للوليد بن عبد الملك بن مروان، ولأخيه سليمان، وهو الذي بنى مقياس النيل العتيق، الذي بجزيرة فسطاط مصر، ذكره ابن يونس في تاريخه. ثم روى الخطيب في ترجمة أسامة هذا أن صنما كان بالإسكندرية يقال له شراحيل، على حشفة من حشف البحر، مستقبلا بأصبع من أصابع كفه القسطنطينية لا يدري أكان مما عمله سليمان النبي عليه الصلاة والسلام أو الإسكندر، تصاد عنده الحيتان، وكانت الحيتان تدور حوله وحول الإسكندرية، وكان قدم الصنم طول قامة الرجل إذا انبطح، ومد يديه فكتب أسامة بن زيد، وهو عامل مصر للوليد بن عبد الملك: يا أمير المؤمنين إن عندنا بالإسكندرية صنما يقال له شراحيل، وهو من نحاس، وقد غلت علينا الفلوس، فإن رأى أمير المؤمنين أن ننزله ونجعله فلوسا فعلنا، وإن رأى غير ذلك فليكتب إلينا بما نعتمده في أمره. فكتب إليه: لا تنزله حتى أبعث إليك أمناء يحضرونه. فبعث إليه رجالا أمناء، فأنزلوا الصنم عن الحشفة، فوجدت عيناه ياقوتتين حمراوين ليس لهما قيمة، فضربه أسامة بن زيد فلوسا فانطلقت الحيتان ولم ترجع إلى ذلك المكان أبدا بعد أن كانت لا تفارقه ليلا ولا نهارا وتصاد بالأيدي.

[الحوشي:]

النعم المتوحشة. ويقال: إن الإبل الحوشية منسوبة إلى الحوش وهي فحول جن

<<  <  ج: ص:  >  >>