الأرض أي إن المسلمين إذا أقبلوا على الزراعة شغلوا عن الغزو، فيأخذهم السلطان بالمطالبات والجبايات. وقريب من هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:«العزفي نواصي الخيل والذل في أذناب البقر «١» » . والبقر حيوان شديد القوة كثير المنفعة، خلقه الله ذلولا ولم يخلق له سلاحا شديدا كما للسباع، لأنه في رعاية الإنسان، فالإنسان يدفع عنه ضرر عدوه فلو كان له سلاح لصعب على الإنسان ضبطه. والبقر الأجم يعلم أن سلاحه في رأسه فيستعمله في محل القرن كما يرى في العجاجيل قبل نبات قرونها، تنطح برؤوسها تفعل ذلك طبعا وهي أجناس: فمنها الجواميس وهي أكثرها ألبانا وأعظمها أجساما، قال الجاحظ: الجواميس ضأن البقر وهذا يقتضي أنها أطيب وأفضل من العراب، حتى إنها تكون مقدمة عليها في الأضحية، كما يقدم الضأن فيها على المعز وقال الزمخشري في ربيع الأبرار: أشراف السباع ثلاثة: الأسد والنمر والببر وأشراف البهائم ثلاثة:
الفيل والكركدن والجاموس. ومنها العراب وهي جرد ملس الألوان. ومنها نوع آخر يقال له الدربانة بدال مهملة ثم راء ثم باء موحدة ثم نون وهي التي تنقل عليها الأحمال، وربما كانت لها أسمنة.
والبقر ينزو ذكورها على إناثها، إذا تم لها سنة من عمرها في الغالب. وهي كثيرة المني. وكل الحيوان إناثه أرق صوتا من ذكوره إلا البقر، فإن الأنثى أفخم وأجهر، وهي تقلق إذا ضربها الذكر وتتلوى تحته لا سيما إذا أخطأ المجرى لصلابة ذكره، وهي إذا اشتاقت للذكر، نفرت وأتبعت الرعاة. وبأرض مصر بقر يقال لها بقر الخيس، طوال الرقاب قرونها كالأهلة، وهي كثيرة اللبن.
وقال المسعودي: رأيت بالري بقرا تبرك كما تبرك الإبل، وتثور بحملها كما تثور. وليس لجنس البقر ثنايا عليا فهي تقطع الحشيش بالسفلى.
[فائدة:]
في آخر كتاب المجالسة لأحمد بن مروان المالكي «٢» الدينوري بإسناده إلى عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «مر عيسى عليه السلام ببقرة قد اعترض ولدها في بطنها، فقالت: يا كلمة الله ادع الله أن يخلصني، فقال: يا خالق النفس من النفس ويا مخرج النفس من النفس خلصها فألقت ما في بطنها» قال: فإذا عسر على المرأة ولدها فليكتب لها هذا.
وأسند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إذا عسر على المرأة ولدها فليكتب لها بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون. قلت: وهذا بعض حديث رواه الطبراني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم «٣» قال: «إذا طلبت حاجة وأحببت أن تنجح فقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم، لا