للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رقدوا، فنظرت إلى الزاوية فإذا فيها قنفذ، فلم أزل أضربه بالعرجون حتى خرج. ورواه الإمام أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح.

[فائدة]

: روى البيهقي، في أواخر دلائل النبوة، عن أبي دجانة واسمه سماك بن خرشة قال:

شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أني نمت في فراشي، فسمعت صريرا كصرير الرحى ودويا كدوي النحل، ولمعا كلمع البرق، فرفعت رأسي فإذا أنا بظل أسود يعلو ويطول في صحن داري فمسست جلده، فإذا هو كجلد القنفذ فرمى في وجهي مثل شرر النار. فقال صلى الله عليه وسلم: «عامر دارك يا أبا دجانة» . ثم طلب صلى الله عليه وسلم دواة وقرطاسا، وأمر عليا رضي الله تعالى عنه أن يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول رب العالمين إلى من يطرق الدار من العمار والزوار، إلا طارقا يطرق بخير أما بعد فإن لنا ولكم في الحق سعة فإن كنت عاشقا مولعا، أو فاجرا مقتحما، فهذا كتاب الله ينطق علينا وعليكم بالحق، إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون، ورسلنا يكتبون ما تمكرون، اتركوا صاحب كتابي هذا وانطلقوا إلى عبدة الأصنام، وإلى من يزعم أن مع الله إلها آخر، لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون حم لا ينصرون حم عسق تفرق أعداء الله وبلغت حجة الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فسيكفيهم الله وهو السميع العليم.

قال أبو دجانة رضي الله عنه: فأخذت الكتاب، وأدرجته وحملته إلى داري وجعلته تحت رأسي فبت ليلتي، فما انتبهت إلا من صراخ صارخ يقول: يا أبا دجانة أحرقتنا بهذه الكلمات فبحق صاحبك إلا ما رفعت عنا هذه الكلمات، فلا عود لنا في دارك ولا في جوارك ولا في موضع يكون فيه هذا الكتاب، قال أبو دجانة: فقلت: والله لا أرفعه حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو دجانة: فلقد طالت علي ليلتي بما سمعت، من أنين الجن وصراخهم وبكائهم، حتى أصبحت فغدوت فصليت الصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما سمعت من الجن ليلتي، وما قلت لهم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا دجانة ارفع عن القوم، فو الذي بعثني بالحق نبيا إنهم ليجدون ألم العذاب إلى يوم القيامة. قال البيهقي: وقد ورد في حرز أبي دجانة رضي الله عنه حديث طويل، غير هذا موضوع، لا تحل روايته. وهذا الذي رواه البيهقي، رواه الديلمي الحافظ في كتاب الإنابة، والقرطبي في كتاب التذكار في أفضل الأذكار.

[الحكم]

: قال الشافعي: يحل أكل القنفذ لأن العرب تستطيبه، وقد أفتى ابن عمر بإباحته وقال أبو حنيفة والإمام أحمد: لا يحل لما روى أبو داود وحده أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما سئل عنه، فقرأ: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً

«١» الآية فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول: ذكر القنفذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «خبيث من الخبائث» «٢» . فقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: إن كان قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فهو كما قال. قلت: والجواب أن رواته مجهولون. قال البيهقي: ولم يرو إلا من وجه واحد ضعيف لا يجوز الاحتجاج به. وما روي عن سعيد بن جبير، أنه قال: جاءت أم حفيد رضي الله تعالى عنها بقنفذ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعته بين يديه، فنحاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يأكله فهو مرسل. وقد روي مسندا

<<  <  ج: ص:  >  >>