للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكر ابن إسحاق قال: قال الزبير بن عبد المطلب فيما كان من شأن الحية، التي كانت قريش تهاب بنيان الكعبة لأجلها حتى اختطفها العقاب:

عجبت لما تصويت العقاب ... إلى الثعبان وهي لها اضطراب

وقد كانت يكون لها كشيش ... وأحيانا يكون لها وثاب «١»

إذا قمنا إلى التأسيس شدت ... فهبنا للبناء وقد تهاب

فلما أن خشينا الزجر جاءت ... عقاب حلقت ولها انصباب

فضمتها إليها ثم خلت ... لنا البنيان ليس له حجاب

فقمنا حاشدين إلى بناء ... لنا منه القواعد والتراب

غداة نرفع التأسيس منه ... وليس على مساوينا ثياب

أعزّ به المليك بني لؤي ... فليس لأصله منه ذهاب

وقد حشدت هناك بني عدي ... ومرة قد تعهدها كلاب

فبوأنا المليك بذاك عزا ... وعند الله يلتمس الثواب

وذكر ابن عبد البر، في التمهيد عن عمرو بن دينار، أنه قال: لما أرادت قريش بناء الكعبة، خرجت منها حية، فحالت بينهم وبينها، فجاء عقاب أبيض فأخذها ورمى بها نحو أجياد. كذا في بعض نسخ التمهيد. وفي بعضها طائر أبيض.

[فائدة]

: روى ابن عباس أن سليمان بن داوود عليهما السلام، لما فقد الهدهد، دعا بالعقاب سيد الطير، وأحزمه وأشده بأسا، فقال: عليّ بالهدهد الساعة، فرفع العقاب نفسه نحو السماء، حتى التصق بالهواء، فصار ينظر إلى الدنيا كالقصعة بين يدي الرجل، ثم التفت يمينا وشمالا فرأى الهدهد مقبلا نحو اليمن، فانقض عليه، فقال الهدهد: أسألك بحق الذي أقدرك علي وقواك إلا ما رحمتني. فقال له: الويل لك، إن نبي الله سليمان حلف أن يعذبك أو يذبحك. ثم أتى به فلقيته النسور وعساكر الطيور، فخوفوه وأخبروه بتوعد سليمان، فقال الهدهد: ما قدري وما أنا أو ما أستثنى نبي الله قالوا: بلى. قال: أو ليأتيني بسلطان مبين، قال الهدهد: نجوت إذن. فلما دخل لى سليمان رفع رأسه وأرخى ذنبه وجناحيه تواضعا لسليمان. فقال له سليمان: أين غبت عن خدمتك ومكانك؟ لأعذبنك عذابا شديدا، أو لأذبحنك. فقال الهدهد: يا نبي الله اذكر وقوفك بين يدي الله بمنزلة وقوفي بين يديك. فاقشعر جلد سليمان وارتعد، وعفا عنه. وسيأتي إن شاء الله تعالى، نظير هذا في باب الهاء في الهدهد.

[الحكم]

: يحرم أكل العقاب لأنه ذو مخلب، واختلف في أنه هل يستحب قتله أم لا؟ فجزم الرافعي والنووي في الحج باستحباب قتله، وجزم في شرح المهذب بأنه من القسم الذي لا يستحب قتله ولا يكره وهو الذي فيه نفع ومضرة، قلت: وهذا الذي جزم به القاضي أبو الطيب الطبري «٢» وهو المعتمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>