ثلاثة أوحش ما في الورى ... يا ليت شعري أيها أوحش «١»
[البرغن:]
بفتح الباء والغين المعجمة وضمهما ولد البقرة الوحشية.
[البرغوث:]
بالثاء المثلثة واحد البراغيث. وضم بائه أشهر من كسرها وقولهم: أكلوني البراغيث لغة طيىء، وهي لغة ثابتة خرجوا عليها قوله «٢» تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا
على أحد المذاهب وقوله «٣» عز وجل خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ
ومثل: يتعاقبون فيكم ملائكة، وقوله في صحيح مسلم وغيره: «حتى احمرتا عيناه» واشباهه كثيرة معروفة. وقال سيبويه:
لغة أكلوني البراغيث ليست في القرآن قال والضمير في وأسروا النجوى فاعل والذين بدل منه.
وكنية البرغوث أبو طافر وأبو عدي وأبو الوثاب، ويقال له طامر بن طامر. وهو من الحيوان الذي له الوثب الشديد ومن لطف الله تعالى به، أنه يثب إلى ورائه ليرى من يصيده، لأنه لو وثب إلى أمامه، لكان ذلك أسرع إلى حمامه. وحكى الجاحظ «٤» عن يحيى «٥» البرمكي، أن البرغوث من الخلق الذي يعرض له الطيران، كما يعرض للنمل. وهو يطيل السفاد، ويبيض ويفرخ بعد أن يتولد، وهو ينشأ أولا من التراب، لا سيما في الأماكن المظلمة، وسلطانه في أواخر فصل الشتاء وأول فصل الربيع، وهو أحدب نزاء. ويقال: إنه على صورة الفيل له أنياب يعض بها وخرطوم يمص به.
[وحكمه:]
تحريم الأكل واستحباب قتله للحلال والمحرم، ولا يسب لما روى الإمام أحمد والبزار والبخاري في الأدب والطبراني في الدعوات عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يسب برغوثا. فقال: لا تسبه فإنه أيقظ نبيا لصلاة الفجر.
وفي معجم الطبراني عن أنس رضي الله تعالى عنه. قال: ذكرت البراغيث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنها توقظ للصلاة أي لصلاة الفجر» . وفيه عن علي رضي الله تعالى عنه قال: نزلنا منزلا فآذتنا البراغيث فسببناها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ «لا تسبوها فنعمت الدابة فإنها أيقظتكم لذكر الله تعالى» .
ويعفى عن قليل دمها في الثوب والبدن لعموم البلوى به وعسر الاحتراز. وقال أبو عمر بن عبد البر: أجمع العلماء على التجاوز والعفو عن دم البراغيث، ما لم يتفاحش. قال أصحابنا: ولا خلاف في العفو عن قليله إلا إذا حصل بفعله كما إذا قتله في ثوبه أو بدنه ففي العفو عنه وجهان:
أصحهما العفو أيضا. وكذلك كل ما ليس له نفس سائلة كالبق والبعوض وشبههما. وسئل شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام عن ثوب فيه دم البراغيث هل يجوز للإنسان أن يلبسه رطبا ثم يصلي فيه؟ وإذا عرق فيه هل يصلي فيه؟ وهل يتنجس بذلك بدنه أو يعفي عنه؟ وهل يندب له غسله قبل وقته المعتاد؟ فأجاب نعم ينجس الثوب والبدن بذلك ولا يؤمر بغسله إلا في الأوقات المعتادة وغسله في غير ذلك ورع خارج عما كان السلف عليه. وكانوا أحرص على حفظ أديانهم من غيرهم. وأما الكثير من دم البراغيث فالأصح عند المحققين، كما قاله النووي، العفو عنه مطلقا