الصغرى، فإذا جارية كالشمس الطالعة، فجاءت حتى وقفت عليه، ونظرته فقالت: ليس بسليم. قلنا: وكيف ذلك؟ قالت: إنه خدشه عود بالت عليه حية ذكر، والدليل على ذلك أنه إذا طلعت عليه الشمس مات قال: فلما طلعت الشمس مات. فعجبنا من ذلك وانصرفنا. وفيه أيضا في أواخره أن عيسى عليه الصلاة والسلام مر بحاو يطارد حية، فقالت له الحية: يا روح الله قل له لئن لم يلتفت عني لأضربنه ضربة أقطعه قطعا! فمر عيسى عليه الصلاة والسلام ثم عاد فإذا الحية في سلة الحاوي. فقال لها عيسى عليه السلام: ألست القائلة كذا وكذا؟ فكيف صرت معه؟
فقالت: يا روح الله إنه قد حلف لي والآن غدر بي، فسم غدره أضر عليه من سمّي.
وفي عجائب المخلوقات للقزويني، أن الريحان الفارسي لم يكن قبل كسرى أنو شروان، وإنما وجد في زمانه وسببه أنه كان ذات يوم جالسا للمظالم، إذا أقبلت حية عظيمة تنساب تحت سريره، فهموا بقتلها فقال كسرى: كفوا عنها فإني أظنها مظلومة، فمرت تنساب فأتبعها كسرى بعض أساورته، فلم تزل سائرة، حتى استدارت على فوهة بئر، فنزلت فيها، ثم أقبلت تتطلع فنظر الرجل فإذا في قعر البئر حية مقتولة، وهي على متنها عقرب أسود، فأدلى رمحه إلى العقرب ونخسه به وأتى إلى الملك فأخبره بحال الحية، فلما كان في العام القابل أتت تلك الحية في اليوم الذي كان كسرى جالسا فيه للمظالم، وجعلت تنساب حتى وقفت بين يديه، ونفضت من فيها بزرا أسود فأمر به الملك أن يزرع فنبت منه الريحان. وكان الملك كثير الزكام وأوجاع الدماغ فاستعمل منه فنفعه جدا.
[فائدة أخرى:]
في حلية الأولياء للحافظ العلامة أبي نعيم رحمه الله تعالى، في ترجمة سفيان بن عيينة، عن يحيى بن عبد الحميد قال: كنت في مجلس سفيان بن عيينة، وقد اجتمع عنده ألف إنسان أو يزيدون أو ينقصون، فالتفت في آخر مجلسه إلى رجل كان عن يمينه، وقال:
قم حدث الناس بحديث الحية، فقال الرجل: اسندوني فأسندناه فشال جفونه عن عينه، ثم قال: ألا فاستمعوا وعوا حدثني أبي عن جدي أن رجلا كان يعرف بابن الحمير، وكان له ورع وكان يصوم النهار ويقوم الليل، وكان مبتلى بالقنص، فخرج يوما يتصيد، فبينما هو سائر إذ عرضت له حية، فقالت يا محمد بن حمير أجرني أجارك الله، فقال لها: ممن؟ قالت من عدو قد ظلمني. قال لها: وأين عدوك؟ قالت له: من ورائي. قال لها: من أي أمة أنت؟ قالت: من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: ففتحت لها ردائي وقلت لها ادخلي فيه. قالت: يراني عدوي. قال: فبسطت لها طمري وقلت لها: ادخلي بين طمري وبطني. قالت: يراني عدوي. قلت لها: فما الذي أصنع بك؟
قالت: إن أردت اصطناع المعروف، فافتح لي فاك حتى أنساب فيه. قلت: أخشى أن تقتليني.
فقالت: لا والله ما أقتلك، والله شاهد علي بذلك وملائكته وأنبياؤه وحملة عرشه وسكان سمواته أن لا أقلتك. قال: ففتحت لها فمي فانسابت فيه، ثم مضيت فعارضني رجل معه صمصامة فقال: يا محمد فقلت له: ما تشاء؟ قال: هل لقيت عدوي؟ قلت: ومن عدوك؟ قال: حية.
قلت: اللهم لا. واستغفرت ربي مائة مرة من قولي لا، لعلمي أين هي. ثم مضيت قليلا، فإذا بها قد أخرجت رأسها من فمي وقالت: انظر هل مضى هذا العدو؟ فالتفت فلم أر أحدا،