ذكر أهل التفسير وأصحاب السير، أن عيسى عليه الصلا والسلام استقبل رهطا من اليهود، فلما رأوه قالوا: قد جاء الساحر ابن الساحرة، وقذفوه وأمه، فلما سمع ذلك عيسى دعا عليهم ولعنهم فمسخهم الله تعالى خنازير، فلما رأى ذلك يهوذا، وهو رأس اليهود وأميرهم، فزع من ذلك وخاف دعوته، فجمع اليهود واستشارهم في أمر عيسى عليه الصلاة والسلام، فاجتمعت كلمة اليهود على قتله، فطرقوا عيسى عليه الصلاة والسلام في بعض الليل ونصبوا خشبة ليصلبوه عليها، فأظلمت الأرض، وأرسل الله تعالى ملائكة فحالت بينهم وبينه، فجمع عيسى عليه الصلاة والسلام الحواريين تلك الليلة، وأوصاهم ثم قال: ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ويبيعني بدراهم يسيرة، ثم إن الحواريين خرجوا من عنده وتفرقوا. وكانت اليهود تطلبه فأتى إليهم أحد الحواريين، وقال لهم: ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح؟ فجعلو له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه فلما دخل البيت، ألقى الله تعالى عليه شبه عيسى، ورفع الله عيسى إليه.
فدخلوا فرأوه، فأخذوه. فقال لهم: أنا الذي دللتكم عليه، فلم يلتفتوا إلى قوله، وقتلوه وصلبوه وهم يظنون أنه عيسى. وقيل: إن الذي ألقي عليه شبهه كان من اليهود، وإسمه تطبانوس.
وقيل: إن عيسى عليه الصلاة والسلام قال للحواريين؟ أيكم يقذف عليه شبهي فيقتل؟ فقال رجل منهم. أنا يا نبي الله. فقتل ذلك الرجل وصلب ورفع الله تعالى عيسى عليه الصلاة والسلام إليه، وكساه الريش وألبسه النور، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب، فهو عليه الصلاة والسلام طائر مع الملائكة المقربين حول العرش. وقال أهل التاريخ: حملت مريم بعيسى عليهما السلام ولها ثلاث عشرة سنة، وولدت عيسى ببيت لحم، من أرض أروى شلم، لمضي خمس وستين سنة، من غلبة الاسكندر على أرض بابل، وأوحى الله إليه على رأس ثلاثين سنة من عمره، ورفع من بيت المقدس ليلة القدر من شهر رمضان وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. وماتت أمه مريم بعد رفعه عليه السلام بست سنين. وذكر ابن أبي الدنيا، عن سعيد بن عبد العزيز أنه قال: قيل لأبي أسيد الفزاري: من أين تعيش فحمد الله تعالى وكبره وقال: يرزق الله الكلب والخنزير ولا يرزق أبا أسيد!؟ وروى ابن ماجه، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال «١» : «طلب العلم فريضة على كل مسلم، وواضع العلم في غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والدر والذهب» . وفي اسناده كثير بن شنظير، وهو مختلف في توثيقه وتضعيفه. وقال في الإحياء: جاء رجل إلى ابن سيرين فقال: رأيت أن أقلد الدر أعناق الخنازير، فقال: أنت تعلم الحكمة غير أهلها. وفيه أيضا في الباب السادس من أبواب العلم، روي أن رجلا كان يخدم موسى عليه الصلاة والسلام فجعل يقول: حدثني موسى صفي الله حدثني موسى نجي الله حدثني موسى كليم الله حتى أثرى وكثر ماله ففقده موسى عليه السلام وجعل يسأل عنه فلم يجد له أثر. حتى جاءه رجل ذات يوم وفي يده خنزير وفي عنقه حبل أسود فقال: يا موسى أتعرف فلانا؟ قال:
نعم. قال: هو هذا الخنزير. فقال موسى عليه السلام: يا رب أسألك أن ترده إلى حاله الأول حتى أسأله بم أصابه ذلك؟ فأوحى الله تعالى إليه لو دعوتني بالذي دعا به آدم فمن دونه ما أجبتك فيه، ولكن أخبرك لم صنعت به هذا لأنه كان يطلب الدنيا بالدين. وكذلك رواه الإمام أبو طالب