السماء السابعة دارا يقال لها البيضاء تجتمع فيها أرواح المؤمنين، فإذا مات الميت من أهل الدنيا تلقته الأرواح يسألونه عن أخبار الدنيا كما يسأل الغائب أهله إذا قدم عليهم.
[فائدة أخرى]
: قال البوني في اللمعة النورانية، من السر البديع: إذا كان الإنسان يخاف على نفسه من قتل أو عذاب أو غيره، فليذبح كبشا سمينا سليما من العيوب، كما في الأضحية، يذبحه في موضع خال ذبحا سريعا موجها إلى القبلة، ويقول عند الذبح: اللهم هذا لك ومنك، اللهم إنه فدائي فتقبله مني. ويحفر لدمه حفرة، ويردمها بالتراب، حتى لا يطأ أحد على دمه، ويبضعه ستين جزءا: الجلد جزء، والرأس جزء، والبطن جزء، إلى أن يأتي على الستين جزءا، ولا يأكل منه شيئا لا هو ولا من تجب عليه نفقته، ويفرقه على الفقراء والمساكين، فإنه يكون فداء له، ولا يناله مكروه من جهة الأمر الذي يخشاه. وهو متفق عليه، مجرب معمول به، والله تعالى المحسن لعبيده المنعم عليهم.
قال: وإن كان يخاف من أمر دون ذلك، فليطعم ستين مسكينا من أفضل الطعام، ويشبعهم ويقول: اللهم إني أستكفي الأمر الذي أخافه بهم هؤلاء، وأسألك بأنفسهم وأرواحهم وعزائمهم، أن تخلصني مما أخاف وأحذر، فإنه يفرج عنه. وهذا أيضا متفق عليه، معمول به مستفيض عند أهل الطريقة.
[وحكم الكبش]
: تقدم، ومنه أنه تحرم المناطحة بالكباش، لما روى «١» أبو داود والترمذي، من حديث مجاهد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم:«نهى عن التحريش بين البهائم» . والتحريش الإغراء وتهييج بعضها على بعض، كما يفعل بين الكباش والديوك وغيرها.
وفي الكامل، في ترجمة غالب بن عبد الله الجزري، من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله تعالى لعن من يحرش بين البهائم» . قال الحليمي: وهو حرام ممنوع منه، لا يؤذن لأحد فيه، لأن كل واحد من المتهارشين يؤلم صاحبه ويجرحه، ولو أراد المحرش أن يفعل ذلك بيده ما حل له. وعن الإمام أحمد في ذلك روايتان: التحريم والكراهة.
[الأمثال]
: قالوا: «عند النطاح يظهر الكبش الأجم»«٢» وهو الذي لا قرن له، يضرب لمن غلبه صاحبه بما أعد له. وكان الحسن يقول: يا ابن آدم السكين تحد، والتنور يسجر، والكبش يعتلف. وروى السهيلي وغيره أن عبد الله بن الزبير ولما ولد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«هو هو» . فلما سمعت بذلك أمه أسماء بنت الصديق رضي الله تعالى عنهما أمسكت عن ارضاعه فقال «٣» لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أرضعيه ولو بماء عينيك، كبش بين ذئاب، وذئاب عليها ثياب، ليمنعن البيت أو ليقتلن دونه» . ومما قيل في ليالي صفين:
الليل داج الكباش تنتطح ... نطاح أسد ما أراها تصطلح
فمن يقاتل في وغاها ما نجا ... ومن نجا برأسه فقد ربح